للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب أحمد فيه تفصيل، ولكن له رواية (١) قريبة من مذهب أبي حنيفة، فيما يتعلق بأن القرشيين بعضهم لبعضٍ أكفاء، وله رواية أخرى (٢) أن العرب كلهم بعضهم لبعضٍ أكفاء، والموالي بعضهم لبعضٍ أكفاء، فالقرشي لا يساويه أحد؛ لأن منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكننا لو لجأنا إلى غير القرشي لوجدنا أن الرسول زَوَّجَ بنتيه لعثمان - رضي الله عنه - (٣)، وعلي بن أبي طالب زَوَّجَ ابنته لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - (٣)، والنسب بينهم كان مختلفًا؛ فلا تأثير له.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ - عليه الصلاة والسلام -: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِدِينِهَا، وَجِمَالِهَا، وَمَالِهَا، وَحَسَبِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ ").

هذا ما يُعرَفُ بالخبرِ ويُعبَّر عنه بالإنشاء، فهنا في هذا الحديث: "تنكح المرأة لأربع" (٤)، هذا إخبار (٥)، وليس أمرًا، يعني: قد تجتمع هذه الصفات وهي طيبة إذا اجتمعت، ولكن عند الانفراد ينبغي أن تقف عند ما أوصاك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "تنكح المرأة لأربع: لمالها … "، إذن قد يجد الإنسان صاحبة مال فيريد أن يتزوجها لأجل المال، فهذا غرضه، وقد يكون له


(١) هي الرواية الأول التي تقدمت.
(٢) أخرج ابن ماجه (١١٠) عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي عثمان عند باب المسجد، فقال: "يا عثمان، هذا جبريل أخبرني أن الله قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية، على مثل صحبتها". وضعفه الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٤٨٢٤).
(٣) قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٥/ ٣٠٩): "وقد تزوج عمر بن الخطاب في أيام ولايته بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، وأكرمها إكرامًا زائدًا أصدقها أربعين ألف درهم لأجل نسبها من رسول الله، فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب".
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) الخبر ما أتاك من نبأ عمن تستخبر. تقول: أخبرته وخبرته. والأسلوب الخبري هو الكلام الذي يحتمل الصدق والكذب. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٧/ ١٥٧)، و"البحر المحيط " للزركشي (٦/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>