للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح الذي أورده البخاري في "صحيحه" (١) أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا تُسَافِرُوا بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ العَدُوُّ" (٢)، "لا" نهيٌ، "تُسَافروا بالقُرْآن إلى أَرْض العَدُو"، مخافة أن تناله أيديهم. قالوا: "تناله أيديهم": أن تقع عليه وهم غير طاهرين.

ويقول أهل الظاهر: منعوا؛ لأنهم غير مسلمين (٣).

ومن أدلة الذين أجازوا مس المصحف مطلقًا: هو الكتاب الذي كَتَبه الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى هرقل، وفيه الآية المعروفة: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: ٦٤].

قَالوا: فَهَذِهِ رسالةٌ كتبَها الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى غير مسلمٍ (٤).

فَقَدْ كَتبَها إلى قيصرَ، فلَوْ كان مسُّ المصحف لا يجوز، لما كتب، والعلماء أجابوا عنها بان هذا لا يُسمَّى مصحفًا، وإنما هذه رسالة، والرسالة لا يُطْلق عليها أنها مصحف، فهي ليست بأكثرَ من كتب التفسير والفقه والحديث وغير ذلك.


(١) أخرجه البخاري (٢٩٩٠) ولفظه: "عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ"، وأخرجه مسلم (١٨٦٩) بلفظ: "لا تُسَافِرُوا بِالقُرْآنِ، فَإِنِّي لاآمَنُ أَنْ يَنَالَهُ العَدُو".
(٢) أخرجه أحمد (٤٥٠٧) بلفظ: "لا تُسَافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدوُّ". وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٩٨)، حيث قال: "فإن ذكروا ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر قال: "كان ينهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو يخاف أن يناله العدو"، فهذا حق يلزم اتباعه، وليس فيه ألا يمس المصحف جنب ولا كافر، وإنما فيه ألا ينال أهل أرض الحرب القرآن فقط".
(٤) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٩٨)، حيث قال: "فَهَذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ بعث كتابًا وفيه هذه الآية إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>