للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قدره: فهناك ما هو أقل وهناك ما هو أكثر، ولكن هل لأعلاه حد؟ وهل لأقله حد؟ هذه هي التي فيها خلاف بين العلماء؛ ولذلك كل المسائل المجمع عليها هذه تُمرُّ مرور الكرام، لأنها ليست محل خلاف.

قوله: (الثَّالِثَةُ: فِي جِنْسِةِ وَوَصْفِهِ، والرَّابِعَةُ: فِي تَأْجِيلِهِ).

أي: في ماهية جنسه وهل يُشترط أن يكون ذهبًا وفضة بمعنى: أن يكون عينًا أو هل يجوز أن يكون عرضًا من عروض التجارة؟ وعلى القول بأنه يصح في النقدين، وهذا ليس فيه خلاف، وفي عروض التجارة، هل يصح أن تُصدِقها مثلًا إجارة بمعنى: أن يخدم أو أن يُصدِقها مثلًا خادمًا ونحو ذلك، يعني: يختلف العلماء بين خدمة الحُرِّ مع المملوك، وهذا سيأتي إن شاء الله.

قوله: (الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: أَمَّا حُكْمُهُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ) (١).

قد ذكرنا أن هذا نُقل من كتاب "الاستذكار" لابن عبد البر (٢)، وفي الحقيقة كلامه مجمل لا يمكن أن يُؤخذ عليه هذا، إنما يؤخذ على ابن رشد؛ لأنه أخذ هذه المسألة وسلَّم بها، وابن رشد ذكر مسألتين، ذكر مسألة وأتبعها بهذه، فلا يلزم من كونه أضاف هذه أو عطف هذه أو ذكرها بعد تلك أنه يرى الإجمال؛ لأن الحقيقة المسألة فيها خلاف، فهناك من العلماء من يخالف في ذلك، وهناك من العلماء من أنه يصح النكاح بدون تسمية مهر (٣)، وإن كان يرى وجوبه، ولا شك أن في القرآن ما يدل على ذلك.


(١) لم يتفقوا على شرطيته في النكاح، ووقع الخلاف فيه كما سيأتي.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٦/ ٦٦)؛ حيث قال: "فلا بد لكل مسلم من صداق قل أو كثر".
(٣) هو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة.
يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ١٩٨)؛ حيث قال: "ويصح النكاح وإن لم يسم فيه مهرًا؛ لأن النكاح عقد انضمام وازدواج لغة فيتم بالزوجين ثم المهر واجب شرعًا".
وينظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٤٦٢)؛ حيث قال: "المستحب ألا يعقد النكاح إلا بصداق".
وينظر: "الإقناع" للحجاوي (٣/ ٢٠٨)؛ حيث قال: "ويكره ترك التسمية فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>