للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَاطُؤُ (١) عَلَى تَرْكهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤]، وقَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥]).

لكن الله يقول في كتابه العزيز: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦]، فانتبه إلى الركنين اللذين نريد أن نتحدث عنهما؛ في قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إذن هنا طلاق، والطلاق عادةً إنما يأتي بعد إنكاح، وفي قوله: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} معنى: هذا أن الطلاق لا يقع إلا بعد نكاح، والنكاح إنما يتم بعقد، إذن في هذه الآية دليل للحنابلة: ومن معهم من العلماء الذين قالوا: بأن المهر ليس شرطًا من شروط الصحة، لكنهم يرونه واجبًا، وأنه لا ينبغي أن يخلو النكاح منه.

فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما تزوج امرأةٍ من نسائه إلا وقدم لها صداقًا اثني عشر أُوقية (٢)، وفي بعض الروايات في حديث عائشة: "ونصف" (٣)، والأوقية: أربعون درهمًا (٤) إذن يبلغ ما قدموه خمسمائة درهم (٥).

وكذلك زواج بنات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يدفع لهن، ولذلك في قصة


(١) التواطؤ: الاتفاق. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ٨٢).
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٨٨٧) وفيه: "ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٩٢٧).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٢٦) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "سألت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: كم كان صداق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشًّا"، قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقية … ".
(٤) الدرهم: ستة دوانيق، والدانق قيراطان. وهو جزء من اثني عشر جزءًا من الأوقية، وقطعة من فضة مضروبة للمعاملة. ويساوي تقريبًا ٣ جرامات من الفضة الخالصة.
انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٩٧)، و"القاموس الفقهي" سعدي أبو حبيب (ص ١٣٠).
(٥) الأوقية - بضم الهمزة وبالتشديد -: وهي عند العرب أربعون درهمًا. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>