للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي - رضي الله عنه - عندما زوجه ابنته فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعطها مهرًا" قال: لا أجد شيئًا عندي، قال: "أين درعك؟ " (١)، يعني: أمره أن يُصدِقها إياه.

إذن المهر مطلوب لكن الكلام هنا هل هو شرطٌ من شروط الصحة أو ليس شرطًا من شروط الصحة؟ هذا هو محل خلاف المؤلف نفسه قال: أنها مسألة مسلَّمة، والواقع أنها غير مسلَّمة، قوله تعالى: {صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} يعني: عن طيب نفس؛ لأن المهر يسمى صداقًا ويسمى صدقة كما في الآية، {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} والنحلة (٢) بمعنى: الهبة والمقصود بها: الصداق؛ لأنك عندما تدفعه عن طيب نفسِ ورضا هذا من تمام الألفة والمحبة التي أشار الله إليها - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم، لكن ليس معنى ذلك أن يغالي الناس في الأمور وأن يضعوا عقبات أما الشباب، ففي أثر عائشة: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" (٣).

ولذلك نجد شيخ التابعين وأحد كبارهم سعيد بن المسيب زوَّج ابنته بدرهمين (٤)، وقال له: لو أصدقها ثوبًا لكفى.

وجاء في بعض الأحاديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن رجلًا أعطى امرأةً مهرًا أو صداقًا ملء يديه طعامًا لكان حلالًا" (٥)؛ فهذا يدل على أنه لا ينبغي المبالغة في ذلك.


(١) أخرجه أبو داود (٢١٢٥) عن ابن عباس قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطها شيئًا"، قال: ما عندي شيء، قال: "أين درعك الحطمية؟ ". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢١٢٥).
(٢) النُّحْلُ: بالضم: مصدر قولك نَحَلْتُهُ من العَطِيَّةِ أنْحَلُه نَحلًا. والنِّحلى: العطية، على فِعلى. ونحلت المرأة مهرها عن طيب نفسٍ من غير مطالبةٍ، أنحَلُها. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٨٢٦).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدمت قصته.
(٥) أخرجه أحمد (١٤٨٢٤) عن جابر بن عبد الله أن - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن رجلًا أعطى امرأة صداقًا ملء يديه طعامًا، كانت له حلالًا". وقال الأرناوؤط: "إسناده ضعيف لضعف صالح بن مسلم بن رومان".

<<  <  ج: ص:  >  >>