للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي: مهورهنَّ وهذا دليلٌ على تسمية الصداق أجرًا.

قوله: (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَأَمَّا قَدْرُهُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَكثَرِهِ حَدٌّ (١)، وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّهِ؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَفُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّابِعِينَ: لَيْسَ لِأَقَلِّهِ حَدٌّ).

القدر: العلماء أجمعوا على أنه لا حد للأعلى، فالله تعالى يقول: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠]، والقنطار اختلف العلماء في تفسيره لكنه شيءٌ كثير (٢).

وفي قصة زواج عمر من أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - أصدقها أربعين ألفًا؛ إذن عمر أصدقها أربعين ألفًا (٣).

وأُثِر عن عمر - رضي الله عنها - أنه عزم على أنه يخطب الناس أن يدعو الناس إلى عدم المبالغة في المهور، قال: عزمت على ذلك فتذكرت قول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] (٤).

لكن كونه لا حد لأعلاه لا يكون ذلك مبرِّرًا بأن يتنافس الناس في


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب أهل العلم" لابن المنذر (٥/ ٣٤)؛ حيث قال: "النكاح بكل ما ذكرناه جائز، لا اختلاف أعلمه، ولا حد لأكثر الصداق لا يتجاوز ذلك".
(٢) قال الواحدي في "الوجيز" (ص ٢٥٨): "أي: مالًا كثيرًا".
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٨١) (١٤٣٤١) عن أسلم مولى عمر: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصدق أم كلثوم بنت علي - رضي الله عنه - أربعين ألف درهم".
(٤) أخرجه أبو داود (٢١٠٦) عن أبي العجفاء السلمي، قال: خطبنا عمر - رحمه الله - فقال: "ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٩٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>