للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيادة المهور وفي المبالغة في ارتفاعها؛ لأن ذلك مما يجعل الشباب يحجمون وتوضع أمامهم عقبات تقف أمامهم في الزواج الذي رغَّب فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - واعتبره سنة من سننه.

والزوج كما أشرنا يسكن إلى الزوجة وتسكن إليه ويطمئن كلٌّ منهما إلى الآخر وهما يتعاونان في أمور الدنيا ويكدحان في الجمع وفي الإنفاق على الأبناء؛ فلا ينبغي الحقيقة أن يُثقل كاهل (١) الزوج من أول الأمر فتتراكم عليه الديون ويظل أكثر حياته يسدد في هذه الديون، ليس هذا من مصلحة الزوج ولا من مصلحة الزوجة ولا مصلحة أوليائها ولا أبناء الزوجين أيضًا؛ إذن التيسير مطلوب في هذا المقام.

واختلفوا العلماء في أقله، هل لأقله حد؟ العلماء انقسموا إلى قسمين:

الأول: بعضهم قالوا: كل ما ينطبق عليه مهر فهو كافٍ، كما قال سعيد بن المسيب: "لو أعطاها سوطًا لكان" (٢)، فلو أعطاها ثوبًا أو إزارًا.

وفي قصة الرجل لما قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قصة المرأة وسيأتي ذكرها التي وهبت نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام طويلًا وسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أحس أحد الجالسين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرغب فيها قال لكنه تكلم بأدب قال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها رغبة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما تُصدِقها"، فأجاب: بأنه يصدقها إزاره، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الرفيق وهو الرحيم الشفيق، قال: "لو أعطيتها إزارك بقيت وما لك إزار"، فقال له: التمس ولو خاتمًا فقال: لا أجد، فقال: "هل معك شيء من القرآن"


(١) الكاهل: ما بين الكتفين. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٨١٣).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٨٩) عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: بشر رجل بجارية، فقال رجل: هبها لي، فقال: هي لك فسئل عنها سعيد بن المسيب فقال: "لا تحل الهبة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو أصدقها سوطًا أحلت". وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (٣٦٢): "رواه سعيد بن منصور بسند صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>