للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: نعم، فقال: "زوجتك بما معك من القرآن" (١).

وسيأتي اختلاف العلماء في أن يكون تقديم القرآن مهرًا أم لا؟ مع أنه وقع في هذه القصة وفي هذا الحديث الصحيح، وذكر المؤلف أن الإمامين الشافعي وأحمد، قالوا: لا حد لأقله، فكل ما انطبق عليه أنه مهر فإنه يسمى صداقًا ولا داعي لتحديده؛ لأنه لم يرد تحديد أقله في كتاب الله - عز وجل - ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (وكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا وَقِيمَةً لِشَيْءٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا).

هذه قاعدة، كل ما جاز أن يكون ثمنًا أو إجارة جاز أن يكون صداقًا؛ يعني: كل ما جاز أن يكون ثمنًا لمبيع أو يكون أجرًا لأجرة أو لإجارة فإنه يصح أن يكون صداقًا؛ لأنه ما جاز أن يكون مبيعًا يجوز أن يكون صداقًا، والبيع له شروط وكذلك الإجارة لها شروط (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥٠٣٠) ومسلم (١٤٢٥) عن سهل بن سعد: أن امرأة جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: "هل عندك من شيء؟ " فقال: لا واللّه يا رسول الله، قال: "اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا؟ " فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئًا، قال: "انظر ولو خاتمًا من حديد" فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري - قال سهل: ما له رداء - فلها نصفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تصنع بإزارك، إن لَبِسْتَه لم يكن عليها منه شيء، وإن لَبِسَتْه لم يكن عليك شيء" فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، وسورة كذا - عدها - قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم، قال: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن".
(٢) قال ابن قدامة في "المغني" (٧/ ٢١٢): "وكل ما جاز ثمنًا في البيع، أو أجرة في الإجارة، من العين والدين، والحال والمؤجل، والقليل والكثير، ومنافع الحر والعبد وغيرهما، جاز أن يكون صداقًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>