للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورَةُ كَذَا وَكَذَا - لِسُوَرٍ سَمَّاهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن") (١).

وهذا من حكمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشفقته بأمته، فهذا الرجل عندما يأخذ هذا الإزار (٢) الذي هو بأمسِّ الحاجة إليه ولم يوجد عنده غيره يريد أن يُصدقها إياه، فمن أين له من إزارٍ يلبسه ويلتف به، والرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله: هل عندك شيءٌ آخر درعٌ مثلًا أو ثوب أو غير ذلك، قال: لا أجد شيئًا، وهنا قد يرد إشكال عند بعضنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن خاتم الذهب والحديد" (٣)، وقد ورد في ذلك عدة أحاديث وبيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن خاتم الحديد إنما هو حلية أهل النار، وهنا قال: "التمس خاتمًا من حديد؟ ".

والجواب: هناك فرقٌ بين أن تلتمس شيئًا وبين أن تلبس شيئًا، فالنهي جاء على اللبس، وهذا كان في أول الأمر؛ يعني: قبل أن يرد النهي عن لبس خاتم الحديد، فالصحابة كانوا يلبسون خواتم الذهب حتى نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (٤).

قوله: (قَالُوا: فَقَوْلُهُ - عليه الصلاة والسلام -: "الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ" (٥) دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا قَدْرَ لِأَقَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ


(١) أخرجه البخاري وفيه قال: "اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن".
(٢) الإزار: هو ما يلبس على الحقوين، والحقو عند العرب الإزار الذي تؤزر به العوره ما بين السر. والركبه. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٧٨). "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص ٩٠).
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٦٤)، ومسلم (٢٠٨٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن خاتم الذهب".
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٩٠/ ٥٢) عن عبد الله بن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل، فنزعه فطرحه، وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده"، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>