للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ (١) وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا).

الخلاف الذي اتجه إليه المؤلف كأنه خلاف بين قياس وبين أثر، فإذا وجد خلاف بين قياس وحديث صحيح فلا يُنظر إلى القياس في مثل هذا المقام، لأنه لا اجتهاد مع النص (٢)، لكن قد يكون النص غير ظاهر فيأتي القياس فيوضح بعض الأمور، ولكن النص هنا واضح، فالذين يقولون بأن المهر شرطٌ من شروط الصحة يقولون: هذا خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]، لكن قضية أنها وهبت نفسها للرسول هذا أمر، أما وجود رجلٍ آخر يعرض على الرسول أن يزوجها له إن لم يكن فيها رغبة، هذا أمرٌ آخر؛ لأن هذا يختلف عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومحل الشاهد: في الحديث هو تزويج الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه المرأة.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟ " فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا"، فَقَالَ: لَا أَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ - عليه الصلاة والسلام -: "الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَالْتَمَسَ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآن؟ " قَالَ: نَعَمْ،


(١) أخرجه البخاري (٥١٤٩) واللفظ له، ومسلم (١٤٢٥).
(٢) يعني: أن النص إذا ورد في مقابلة الأدلة العقلية من قياس أو غيره، والنص المراد هو ما أفاد بنفسه من غير احتمال. ويشمل جميع النصوص الشرعية من الكتاب أو السنة، سواء أكانت قطعية أم ظنية. وقد يرد في مقابلة الظاهر والمجمل. انظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>