للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فدعا ربه قال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير فذهبتا وقص لأبيهما فاستدعاه وقال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ}، وقد تزوج موسى - عليه السلام - وعقد على زوجته وخرج بها كما جاء في بقية الآيات، فكلام المؤلف معناه: هذا حصل في شرع من قبلنا وهذه مسألة أصولية معروفة.

ويستدلون بدليل آخر: وهو من السنة وهو ما جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أدُّوا علائق (١) القوم" قيل: يا رسول الله وما العلائق؟ قال: "ما تراضى عليه الأهلون ولو قضيب من أراك" (٢).

والصداق له عدة أسماء منها العلائق، فيحتمل أن يقدم مباشرة أو أن يكون نتيجة إجارة ما تراضى عليه الأهلون، فلو تراضوا على مهر مقدم أو تراضوا على أجرة فكلاهما جائز إلى جانب الآية التي أوردها المؤلف.

قوله: (وَالسَّبَبُ الثَّانِي: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ النِّكَاحُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِجَارَةِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الإِجَارَةَ هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بُيُوعِ الْغَزَرِ الْمَجْهُولِ).

هذه القضية التي يتحدث عنها المؤلف قضية مهمة تتعلق ببعض مسائل الفقه الإسلامي: كالإجارة والجعالة، وهناك عدة أحكام يذكرها العلماء ويقولون: بأنها جاءت على خلاف القياس، وأنها جاءت مستثناة في الشريعة الإسلامية، ومن العلماء الأعلام الذين حققوا في هذه المسألة وبَيَّنوا أنَّه لا يوجد قياس صحيح يتعارض مع نص صحيح (٣).


(١) العلائق: المهور، الواحدة: علاقة وعلاقة المهر: ما يتعلقون به على المتزوج. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٣/ ٢٨٩).
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٤/ ٣٥٧) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنكحوا الأيامى" ثلاثًا، قيل: ما العلائق بينهم يا رسول الله؟، قال: "ما تراضى عليه الأهلون، ولو قضيب من أراك". وضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" (٧/ ٦٧٧).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء تعارض العقل والنقل" (٣/ ٣٤٢): "ولا يجوز =

<<  <  ج: ص:  >  >>