للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروجهن بكلمة الله" (١)، فكيف ترضى هذه النفس الأبية (٢) أن تنزل وتطمع فيما قدمته عن رضا وقضاعة؟ فلا ينبغي أن ينسيهما ما حصل بينهما من خلوة هذا فيما يتعلق بمعنى الآية.

وقصد المؤلف: أن الآية فيها إشارة إلى الجماع: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} فالآية حجة للمالكية (٣) والشافعية (٤)، وأن مجرد الخلوة بالمرأة وإرخاء الستور لا يوجب المهر كله هذا هو مراده.

قوله: (وَنَصَّ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧]).

"المطلقة قبل المسيس" المراد بها: اللمس، فيكون هذا عند الحنفية (٥) والحنابلة (٦)، أما المسيس بمعنى الجماع فهو عند المالكية (٧)


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم (١٢١٨/ ١٤٧) ولفظه: "فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح … ". الحديث.
(٢) الأبية: من الإباء، وهو الامتناع والترفع. انظر: "الفائق" للزمخشري (٢/ ٣٨٤)، "مختار الصحاح" للرازي (ص ١٢).
(٣) قال ابن القصار: "الإفضاء حقيقته مماسة البشرة البشرة بدليل قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} ". انظر: "عيون الأدلة" (١/ ٤٩٢).
(٤) يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٤٦٦)؛ حيث قال: "ويستقر الصداق بالوطء في الفرج لقوله - رحمه الله -: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} وفسر الإفضاء بالجماع".
(٥) يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٣/ ١٦٢)؛ حيث قال: "المراد بالمس في قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الخلوة إطلاقًا لاسم المسبب على السبب؛ إذ المس مسبب عن الخلوة عادة ويكون كماله بالجماع بحضرة الناس بالإجماع لا بالآية".
(٦) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٢١)؛ حيث قال: "وأما قوله تعالى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ] فيحتمل أنه كنى بالمسبب الذي هو الخلوة عن السبب".
(٧) يُنظر: "التبصرة" للخمي (١/ ١٨٨)؛ حيث قال: "والملامسة واللمس والمباشرة كناية عن الجماع؛ قال الله - عز وجل -: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. وقال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنّ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>