للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعية (١)، يقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)} [البقرة: ٢٣٧].

فمراد المؤلف في قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} بمعنى حصلت المواقعة، أما في هذه الآية: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} على تفسير أن تجامعهن: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فكيف تقولون: أيها الحنفية والحنابلة: بأن مجرد الخلوة وإرخاء الستور إنما يوجب المهر كله وهذه الآية تدل بظاهرها على أنها توجب نصف المهر، فالآية الأولى دلت على أن المهر يجب كله بالمواقعة؛ أي: الجماع، والآية الأخرى دلت بظاهرها على أنه إذ لم يحصل الجماع فلا يجب إلا نصف المهر، فإذا طُلقت المرأة قبل المسيس. هذا هو استدلال المؤلف للمالكية والشافعية.

أما الحنفية والحنابلة يقولون: الصحابة - رضي الله عنهم - قد أجمعوا ولم يُنقل خلاف في هذه المسألة إلا عن اثنين نُقل عن عبد الله بن عباس، وجاء النقل عن طريق ليث بن أبي سُليم (٢) وهو ضعيف فلا تؤخذ روايته (٣)،


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٥٤١، ٥٤٢)؛ حيث قال: "والمسيس عبارة عن الوطء لثلاثة معان:
أحدها: أنه مروي في التفسير عن ابن عباس وابن مسعود.
والثاني: أن المسيس كناية لما يستقبح صريحه، وليست الخلوة مستقبحة التصريح فيكني عنها، والوطء مستقبح فكني بالمسيس عنه.
والثالث: أن المسيس لا يتعلق به على المذهبين كمال المهر".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٩/ ٢٠٨) عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: "إذا طلق قبل أن يدخل فلها نصف الصداق، وإن كان قد خلى بها".
(٣) يُنظر: "المجروحين"، لابن حبان (٢/ ٢٣١)؛ حيث قال: "ليث بن أبي سليم يروي عن مجاهد وطاوس، كان من العباد ولكن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به، تركه يحيى القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين". =

<<  <  ج: ص:  >  >>