للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يناله منها أذى، والخلاف بين الأزواج وارد، وقد حصل ذلك بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل البشر وبين زوجاته (١)، فهذا هو شأن هذه الحياة لا يمكن أن تصفو هذه الحياة لمخلوق مهما أوتي الإنسان من المال والجاه، فهناك منغصات (٢) أخرى هناك مرض وما يتعلق بالأولاد وما يتعلق بأمور الدنيا ومشكلاتها، لكن الراحة والطمأنينة في الدار الآخرة كما قال الله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)} [فاطر: ٣٣ - ٣٥]، هؤلاء أهل التقوى الذين قال الله تعالى فيهم: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)} [مريم: ٦٣]، إذن الراحة الكاملة، والطمأنينة والسعادة في الجنة، أما الدنيا فلا راحة فيها، ولا اطمئنان.

ولذلك نجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (٣). فالرجل مسئول في بيته ومسؤول عن أولاده، فإذا صبرت


(١) من ذلك: ما أخرجه البخاري (٥٢٢٥) عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: "غارت أمكم" ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت".
وما أخرجه البخاري (٥١٩١) في قصة هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته: يرويه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، والحديث طويل، وفيه: "وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، قالت: ولم تنكر أن أرأجعك؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل … ".
(٢) يقال: نَغَّصَ الله عليه العيشَ تَنْغيصًا؛ أي كدَّره. انظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ١٠٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٠٩)، ومسلم (١٨٢٩/ ٢٠) عن عبد الله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>