للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتسبت فلن يضيع هذا عند الله - سبحانه وتعالى - وستؤجر عليه والله تعالى يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)} [البقرة: ١٥٥].

والله - سبحانه وتعالى - ذكر الصبر في مواضع كثيرة من كتابه العزيز، وذكر العلماء أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد (١)؛ فإذا صبر الإنسان واحتسب فإنه يثاب على ذلك؛ ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك" (٢)، هذه النفقة التي يجب عليك أن تقوم بها نحو زوجتك ومع ذلك ستؤجر عليها، فإذا جمعت هذا المال من حلال، وأنفقته في الحلال فإنك ستثاب على ذلك وتجازى عليه خير الجزاء.

قوله: (وَهَذَا نَصٌّ كمَا تَرَى فِي حُكْمِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ؛ أَعْنِي: قَبْلَ الْمَسِيسِ).

يعني: أنه إذا أفضى إليها أو جامعها وجب المهر كله، والثانية تدل على أنه لو طلقها قبل المسيس فليس عليه إلا نصف المهر.

قوله: (وَبَعْدَ الْمَسِيسِ، وَلَا وَسَطَ بَيْنَهُمَا، فَوَجَبَ بِهَذَا إِيجَابًا ظَاهِرًا أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمَسِيسِ).

وهذا ليس على إطلاق لو طلقها قبل المسيس؛ لأنه قد يكون الطلاق بسبب الزوج أو الزوجة والحياة تختلف وسيأتي الكلام عن هذا إن شاء الله.

قوله: (وَالْمَسِيسُ هَاهُنَا الظَّاهِرُ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ الْجِمَاع، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَصْلِهِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ الْمَسُّ).

"على أصله في اللغة"؛ أي: المس فهذا هو أصل في اللغة، فعندما


(١) قال ابن القيم في "الفوائد" (ص ٩٧): "وملاك ذلك الصبر، فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد".
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٠٩)، ومسلم (١٦٢٨/ ٥) بلفظ: "ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك".

<<  <  ج: ص:  >  >>