للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية دلت على التنصيص على التفويض بعدما أثبتت الطلاق بعد العقد، ولو لم يكن العقد صحيحًا بدون ذكر المهر لما جاء الطلاق؛ لأن الطلاق يأتي بعد عقدٍ صحيح، فترتَّب حكم الطلاق على حكم العقد، وهناك أدلَّة من السنة كما ذكرنا أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - زوَّج امرأة من غير مهر (١).

قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: إِذَا طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ فَرْضَ الصَّدَاقِ وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ).

فإذا طلبت الزوجة تحديد ذلك، فإن اتفقا عليه فلا مانع، وإن اختلفا يُرجع إلى مهر المِثل، وهذه قاعدةٌ أسسها العلماء واتفقوا عليها: أنه عند الاختلاف يُرجَع إلى مهر المِثل، وما هو مهر المِثل؟

والجواب: المراد به: مهر مثيلاتها، والمثيلة هي: التي تماثلها في السن أو هي من أقربائها، وإذا قلنا: إنها من أهل القرابة فهل هي من جهة العصبة للأب؟ أو من جهة الأم؟ هذه مسائل يفرعها العلماء على هذه المسألة (٢).


(١) أخرجه أبو داود (٢١١٧) عن عقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة؟ "، قال: نعم، وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانًا؟ "، قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا، ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما فباعته بمائة ألف … الحديث. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود - الأم" (١٨٤٢).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" للقدوري (ص ١٤٩)؛ حيث قال: "ومهر مثلها يعتبر بأخواتها وعماتها وبنات عمها، ولا يعتبر بأمها وخالتها إذا لم يكونا من قبيلتها، ويعتبر في مهر المثل: أن تتساوى المرأتان في السن والجمال والعفة والمال والعقل والدين والبلد والعصر".
ومذهب المالكية: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٣٢٣)؛ حيث قال: " (ومهر المثل ما)؛ أي: قدر من المال (يرغب به مثله)؛ أي: الزوج (فيها)؛ أي: الزوجة (باعتبار دين)؛ أي: تدين من محافظة على أركان الدين من صلاة وصوم وعفة وصيانة (وجمال) حسي ومعنوي كحسن خلق (وحسب) وهو ما يعد من مفاخر الآباء ككرم ومروءة وعلم وصلاح (ومال وبلد)؛ إذ هو يختلف باختلاف =

<<  <  ج: ص:  >  >>