للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا تُقِرُّ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَجِنْسِ الصَّدَاقِ، وَتَدَّعِي عَلَيْهِ قَدْرًا زَائِدًا، فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ).

هذا هو الأصل، هناك من الناس مَن يهبه الله نفسًا طيبةً كريمةً يتنازل عن حقه فلا يريد مثل هذا الإشكال، بعض الناس يكره أن يذهب ليدخل في مشكلة، فيأتي الزوج فيكون طيب النفس فيوافق على ما ادعت، أو العكس أيضًا من الزوجة.

فهناك من الناس مَن يهبهم الله - سبحانه وتعالى - عقولًا مدركة واعية راجحة ونفوس مطمئنة؛ فهؤلاء دائمًا يتجنبون المشكلات ويبتعدون عن المزالق، وعن الخوض في الأمور التي ربما تجرهم إلى أمور لا يحبونها، وإن كانوا يرون أن الحق معهم؛ ولذلك فيما يُعرَف بباب الصلح، وأن القاضي عندما يأتي إليه المتخاصمان، وبخاصة في أمور الدنيا، أو في بعض المشكلات، يحاول دائمًا أن يُصلح بينهما، والله تعالى يقول: {وَالصُّلْحُ خَيْر} [النساء: ١٢٨].

والكذب محرم، يهدي إلى الفجور، والرجل لا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذَّابًا، لكن من المواضع التي يجوز للإنسان أن يكذب فيها في حالة الصُّلح، فإذا وجدت خلافًا بين اثنين من المؤمنين، وأردت أن تُصلِح بينهما فتقرب النفوس وتردها إلى الأخوة الطيبة، وتزيل الشوائب وترفع الحواجز، وتزيل الفواصل، وتجعل النفوس قريبة، والقلوب أيضًا ملتقية، فلا مانع أن تكذب في هذا المقام؛ لتُصلح بينهم، ففرق بين مَن يكذب ليفسد ومن يكذب ليصلح.

والصلح كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "جائز بين المسلمين إلا صُلحًا أحل حرامًا أو حرَّم حلالًا" (١)، فإذا كان هذا الصلح ينتهي إلى تحليل المحرم وتحريم المحلل فهذا هو الذي لا يجوز.


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>