وهذا من أخطر الأمور وأبشعها وأشنعها، تنفر منه النفوس، وتشمئز منه الأفئدة والقلوب؛ كيف يُتصور أن ينكح إنسان زوجة أبيه؟! الله تعالى يقول:{وَلَا}، نَهْي:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، ثم بين الله سبحانه وتعالى خطورة هذا الأمر، ووصفه بهذه الأوصاف الثلاثة التي كان فيها أشد أيضًا من الزنا؛ {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} فهو فُحش في العمل، {وَمَقْتًا}، أي: هذا عمل بغيض، فيه دناءة، فيه حقارة، فيه خِسة، فيه ذِلة وانحطاط، {وَسَاءَ سَبِيلًا}، ساء طريقًا ومنهجًا، من يفعل ذلك من الناس.
ولا ينبغي أن يُظَن أن القصد بالآباء فقط إنما هو الأب الذي أنت من صُلبه، وإنما يدخل في ذلك الأب من أي طريق كان، سواء كان أب الأب؛ أي: جدك من قِبَل أبيك أو أب الأم، وإن عَلَوْا وبَعُدوا، فكل مَن يطلق عليه اسم الأب، فإنه يحرم على الابن أن ينكح زوجته.
كما أن زواج الابن من زوجة الأب فيه بشاعة كذلك أيضًا بالنسبة للأب لا يجوز له أن يتزوج حليلة ابنه؛ أي: زوجته؛ ولذلك يقول تعالى:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، لكنه سبحانه وتعالى أضاف وصفًا كاشفًا، وهو قوله سبحانه وتعالى:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}.
أما الذي كان يُعمل في الجاهلية من التَبَني، فذلك أمر قد رده الإسلام وأنكره، فلا بُنوَّة في هذا المقام، وإنما المراد بالأبناء هم الأبناء من الأصلاب.
{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، أيضًا لا يقتصر على ابنك الذي من صُلبِك،