للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماع فقهاء الأمصار على خلاف ذلك، وأنه في الحقيقة لا أثر لهذا الوصف، وأنه لا يُعتبر قيدًا ولا شرطًا، وإنما هي حكاية عن أمر غالب، فإن الغالب في الربائب أن يكن في بيوت الأزواج، والأزواج يتعاهدهن أيضًا بالتربية؛ ولذلك هي تكون في الحجر.

* قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ: ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهِ. وَمَبْنَى الخِلَافِ هَلْ قَوْله تَعَالَى).

ومما يؤيد قول جمهور العلماء: قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم حبيبة في الحديث: "لا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن" (١)؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هنا ذكر بنات الزوجات، وذكر أيضًا أخت الزوجة، فقال: "لا تعرضن عليَّ"؛ أي: أن أنكح (أتزوج) بنت هذه الزوجة أو أختها، وهذا قد عُرض على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنكر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يُفَرق بين التي في الحِجر وفي غيرها، والرسول الكريم إنما جاء لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ؛ وتعلمون أيضًا أن القاعدة الأصولية تقول: "إن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز" (٢)، فلو كان ذلك شرطًا ومطلوبًا لَبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذلك أمر كثير الوقوع، كثير الحدوث، ومع ذلك نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكر فقال: "لا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن"، يعني لا تطلبن منِّي الزواج ببناتكن أيها الزوجات أو أخواتكن؛ لأن بنت الزوجة ربيبة.

والأخت نهى الله سبحانه وتعالى أن يُجْمَع بينها وبين أختها في عقد واحد، لكن أن يُطلق الإنسان هذه، وتنتهي العدة، ويتزوج، فإن هذا أمر جائز قد أباحه الله تعالى فإن التحريم هنا ليس مؤبدًا، وإنما هو تحريم مؤقت.

* قوله: (وَمَبْنَى الخِلَافِ هَلْ قَوْله تَعَالَى: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَصْفٌ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الحُرْمَةِ؟ أَوْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ).


(١) أخرجه البخاري (٥١٠١)، ومسلم (١٤٤٩).
(٢) يُنظر: "العدة في أصول الفقه"، للقاضي أبي يعلى (٣/ ٧٢٤) "حيث قال: "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>