للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمًا (١) "فقد بين ذلك عمر - رضي الله عنه - على المنبر، بمشهد من الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يُنكِر عليه مُنكِر (٢)، فدل ذلك على أنه أمر متفق عليه.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَ الوَطْءِ مِنَ اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ إِلَى الفَرْجِ لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، هَلْ ذَلِكَ يُحَرِّمُ؟ أَمْ لَا؟).

جاء في حديث: "لا ينظر الله إلى رجلٍ نظر إلى فرج امرأةٍ وبنتها" (٣)، المقصود هنا إنما هو النظرة المحرمة، والله سبحانه وتعالى قد حرم النظر إلى النساء اللاتي لا يجوز النظر إليهن.

ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وعليك الثانية" (٤)؛ لأن الإنسان ربما يقع نظره على امرأة أجنبية، فهو لا يأثم لأن هذا أمر خارج عن إرادته، لكن أن يُدقق النظر فيها، ويُتبع النظرة النظرة، ثم بعد ذلك يضعف قلبه، ويبدأ أيضا تأخذه الأهواء يمينًا وشمالًا والشهوة، فهذا قد وقع في المحرم فحذره الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تُتبِع النظرة النظرة"؛ لأن النظرة سهام مسمومة من سهام الشيطان.


(١) يُنظر: "الانتصار للقرآن"، للباقلاني (١/ ٤٠١)؛ حيث قال: "قولهم: إن هذا تصريح منه بنقصان القرآن وسقوط آية الرجم؛ فإنه أيضًا جهل من المتحقق به وذهاب عن الواجب، لأن هذه الرواية بأن تكون عليهم وحجة على فساد قولهم أولى من أن تكون دلالة لهم؛ وذلك أنه لما كانت هذه الآية مما أنزله الله تعالى من القرآن لم يذهب حفظها عن عمر بن الخطاب وغيره، وإن كانت منسوخة التلاوة وباقية الحكم، وقد زال فرض حفظ التلاوة مع النسخ لها". وينظر: "أحكام القرآن"، للجصاص (١/ ٧٢)؛ حيث قال: "والنسخ قد يكون في التلاوة مع بقاء الحكم ويكون في الحكم مع بقاء التلاوة دون غيره".
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٢٩)، ومسلم (١٦٩١).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣/ ٤٨٠)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ٤٠٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٧٥) موقوفًا على ابن مسعود - رضي الله عنه -، وضعفه الدارقطني والبيهقي.
(٤) أخرجه أبو داود (٢١٤٩) وغيره من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٨٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>