للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الرَّضَاعَةُ تُحرِّمُ مَا تُحرِّم الولادَةُ" (١). وكما في الحديث المتفق عليه قال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: "يحْرُمُ من الرَّضاعِ ما يحرُمُ من النَّسب" (٢).

فهذا شبية به تمامًا، ولكن القرآن العزيز لم يذكر إلا اثنتين من المحرَّمات بالرضاع وهو قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]، فهي إشارة من القرآن العزيز، ولأن الرضاعة تنتشر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن هذا المُجمل، فكان الأمر واضحًا بحمد الله؛ فلا خلاف فيه إلا في مسائلَ يسيرة، والخلاف فيها أقرب ما يكون إلى الشذوذ.

* قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ بِالجُمْلَةِ يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، أَعْنِي: أَنَّ المُرْضِعَةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الأُمِّ، فَتَحْرُمُ عَلَى المُرْضَعِ هِيَ وَكلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الابْنِ مِنْ قِبَلِ أُمِّ النَّسَبِ) (٣).


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٦٤٦)، واللفظ له، ومسلم (١٤٤٤)، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة - رضي الله عنها -، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أراه فلانًا" لعم حفصة من الرضاعة، فقالت عائشة: لو كان فلان حيًّا - لعمها من الرضاعة - دخل عليَّ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعم، إنَّ الرَّضاعة تحرم ما يحرم من الولادة".
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٤٥)، واللفظ له، ومسلم (١٤٤٧) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بنت حمزة: "لا تحلّ لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٣/ ١١٨) حيث قال: ("وإذا أرضعت المرأة صبيّة حرمت على زوجها وآبائه وأبنائه)، فتكون المرضعة أمّ الرضيع وأولادها إخوته وأخواته من تقدّم ومن تأخر، فلا يجوز أن يتزوج شيئًا من ولدها وولد ولدها وإن سفلوا، وآباؤها أجداده وأمهاتها جداته من قبل الأم. وإخوتها وأخواتها أخواله وخالاته". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ٢).
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٥٠٤) حيث قال: "فأمك من الرضاع مَن أرضعتك أو أرضعت مَن له عليك ولادة وأمهاتها، وأختك من رضعت معك على امرأة، وكل بنت ولدتها مرضعتك أو فحلها المنسوب له ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>