للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإملاجة (١) ولا الإملاجتان" (٢). كذلك أي: الرضعة والرضعتان.

قالوا: فإذا كان قد ثبت في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثَ صحيحةٍ أن الرضعة الواحدة لا تُحرِّم، وأن الاثنتين لا تُحرِّمان، فدلَّ ذلك على أدى التحريم فيما فوق الاثنتين، وما فوق الاثنتين إنما هما الثلاث، فدلَّ ذلك على أن الثلاثة تُحرِّم، وأقل الجمع ثلاث، إذًا ما يُحرِّم إنما هي ثلاث رضعات.

وأما الذين قالوا: خمس رضعات، وهو قول الشافعي، وهي أظهر الروايات عن الإمام أحمد، وهو أيضا قول عائشة وجمعٌ من الصحابة.

فإنهم استدلُّوا بعدَّة أدلة منها:

حديث عائشة - رضي الله عنهما - في قصة سالم، وسالم هو مولًى لأبي حذيفة، وكان قد تبناه حذيفة وكان ذلك في أوَّل الأمر، ثم نُهي عن ذلك، وشبَّ هذا الغلام عن الطوْق (٣) وأصبح رجلًا سويًّا، شقَّ ذلك على سهلة زوجة أبي حذيفة، فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته بأن الغلام قد كبر، وأنه يدخل المنزل وهما في بيتٍ واحد، وربما نظر إليها وهي فُضلة ليس عليها إلا ثوبٌ واحد، فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أرضِعي سَالمًا تَحْرُمِي عليه" (٤). وفي بعض الروايات قال: "أرضعيه خَمْسَ رَضعَاتٍ" (٥).


(١) "الملج": تناول الثدي بأدنى الفم. يقال: ملج الصبي أمه، أي: رضعها.
و"الإملاجة": المرة. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ٣٤٢)، و"النهاية" لا بن الأثير (٤/ ٣٥٣).
(٢) أخرجه مسلم (٤٥١/ ٢٢).
(٣) شب عن الطوق: يضرب مثلًا للرجل يعمل شيئًا، وهو لا يحسن به أن يعمل مثله.
انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (٢/ ٩٢٥).
(٤) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٥٩١٣) عن عائشة، قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن سالمًا كان يدعى لأبي حذيفة، وإن الله عز وجل قد أنزل كتابه {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} فكان يدخل عليّ وأنا فضل، ونحن في منزل ضيق، فقال: "أرضعي سالمًا تحرمي عليه". وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٥) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٥٦٥٠) عن عائشة، وفيه" … فجاءت سهلة فقالت: =

<<  <  ج: ص:  >  >>