للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَأَمَّا عُمُومُ الكِتَابِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} الآيَةَ [النساء: ٢٣]، وَهَذَا يَقْتَضِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الإِرْضَاعِ.

وَالأَحَادِيثُ المُتَعَارِضَةُ فِي ذَلِكَ رَاجِعَةٌ إِلَى حَدِيثَيْنِ فِي المَعْنَى، أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَلَا المَصَّتَانِ، أَوِ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ" ((١).

المصَّةُ هي الرضعة، أي: أن يلتقم الصغيرُ الثَّديَ فيمصُّه، فهذه تسمى رضعة، وهي الإملاجة.

* قوله: (خَرَّجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ، وَمِنْ طَرِيقِ أُمِّ الفَضْلِ، وَمِنْ طَرِيقٍ ثَالِثٍ).

بعضهم حكى عن هذا الحديث: أنَّه اضطربت الرواية فيه، وحاول أن يضعِّفه؛ فمرةً عن طريق أمِّ الفضل، ومرة عن الزبير، ومرة عن طريق ابن الزبير، وهذا كلُّه لا يؤثر في الحديث؛ فالحديث صحيحٌ وفي "صحيح مسلم" (٢).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٦٣٧ - ٦٣٨) حيث قال: وعلله بعضهم بالاضطراب عن عائشة في أحاديث الرضاع، وأن ابن الزبير قال في حديثها هذا مرة عنها، ومرة عن أبيه، ومرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لما اضطرب رجعنا إلى عموم ظاهر القرآن ومفهوم الاعتبار وتنزيل النبي - صلى الله عليه وسلم - له منزلة تحريم النسب، وليس لذلك عدد إلا مجرد الوجود فكذلك الرضاع، وقياسًا على تحريم الوطء بالصهر وغير ذلك، ولا أعتبار فيه بعدد.
وأما من ناحية السند، فانظر: "علل الدارقطني" (٤/ ٢٢٥) حيث سئل عن حديث عبد اللّه بن الزبير، عن الزبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرم المصة ولا المصتان" فقال: تفرد به محمد بن دينار الطاحي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير، عن الزبير. ووهم فيه. وغيره من أصحاب هشام يرويه، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. لا يذكرون فيه الزبير. ورواه ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو الصحيح، لأنه زاد، وهو المحفوظ عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>