للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين أطقوا ذلك قالوا: كتاب الله عز وجل أطلق، فقال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما يحرُم من الرضاعة ما يحرُم من النسب" (١)، وقال: "إن الرَّضاعة تُحرِّم ما تحرم الولادة" (٢)، وبقية الأحاديث؛ فقالوا: والأحاديث أطلقت فنُطلق ما أطلقه الله سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونعمِّم ما عمَّمه الله سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهذا عامٌّ في الرضاع فلماذا نقيِّده؟

واستدلَّ الآخرون بالأحاديث الأخرى التي بيَّنت أن المصَّة والمصتين لا تُحرِّمان، إذًا ما زاد عن المصتين يُحرِّم، فأخذوا بمفهوم المخالفة.

أما الفريق الثالث: فإنهم أخذوا بالنص وهو: "كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات" (٣)، وفي حديث سالم في بعض الروايات: "أرضعي سالمًا خَمْسَ رضعات تُحرَّمي عليه" (٤). فنتبيَّن من هذا أن المسألة إنما هي بالنص، لكن الذين أخذوا بالثلاث استدلُّوا بالنصِّ وبمفهوم النصِّ؛ فاستدلُّوا بالأحاديث الواردة: "لا تُحرِّم المصَّةُ ولا المصتان" (٥). وقوله: "لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان" (٦). على أنه لا يُحرِّم الاثنتين والواحدة، فأخذوا بهذه الأحاديث، ثم قالوا: مفهومها المخالف يدلُّ على أن الثلاث إنما هي تُحرِّم، فلم يأخذوا بمنطوق الحديث، انتبهوا: أولئك أخذوا بعموم الأدلة: القول الأول، والفريق الآخر أخذوا بمفهوم الحديث: وهو مفهوم مخالف؛ ولا حُجَّة فيه عند الحنفية (٧)، وبقية العلماء يختلفون في أنواعه، وأما الفريق الثالث وهم الذين قالوا: خمس رضعات.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) تقدَّم تخريجه.
(٧) تقدَّم بيان مذهب الحنفية لمفهوم المخالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>