للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]، وَعَلَى قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلَادَةِ" (١) - قَالَ: لَبنُ الفَحْلِ مُحَرِّمٌ).

أي: هذا يُعتَبر عمها من الرضاع.

وحجة الذين منعوا ذلك هو عموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}. فالله تعالى نصَّ على الأمهات؛ لأنَّ الإرضاع يتم عن طريق النساء، ولكن هذا اللبن إنما سال بواسطة هذا الرجل، فيَحرُم من الرضاع ما يَحرُم من النَّسب، أو تُحرِّم الرضاعة ما تُحرِّم الولادة، وهذا لا ينفي أن يكون لبن الفحل يُحرِّم، ولكن هذا حديث عمَّن يحصل منها الإرضاع.

* قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ آيَةَ الرَّضَاعِ وَقَوْلَهُ: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلَادَةِ" (٢) إِنَّمَا وَرَدَ عَلَى جِهَةِ التَّأصِيلِ لِحُكْمِ الرَّضَاعِ؛ إِذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ (٣) - قَالَ: ذَلِكَ الحَدِيثُ إِنْ عُمِلَ بِمُقْتَضَاه، أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِهَذِهِ الأُصُولِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ المُغَيِّرَةَ لِلْحُكْمِ نَاسِخَةٌ، مَعَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُهَا التَّحْرِيمَ بِلَبَنِ الفَحْلِ، وَهِيَ الرَّاوِيَةُ لِلْحَدِيثِ).

دعوى النَّسخ غير مُسلَّمة هنا؛ لأنَّ هذا الحديث وغيره من الأحاديث إنما جاءت بيانًا لكتاب الله عز وجل فالله تعالى يقول: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)} [النور: ٥٤] فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المُبلِّغ وهو المُبيِّن ما أُجمِل في كتاب الله عز وجل وهذه السُّنة المُطهرة ما صحَّ منها قد


(١) تقدِّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم التعريف بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>