للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخص به كتاب الله عز وجل عمومه (١)، ويُقيّد مُطلقه (٢)، ولهذا أمثلة كثيرة.

فهناك كثيرٌ من الأحكام لم تردْ في كتاب الله عز وجل، وجاءت في سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تلقَّاها العلماء بالقبول، ولم يُخالِفْ فيها إلا من شذَّ من أصحاب تلك الفرق والنِّحَل الذين خرجوا عن الطريق السويّ، كأن لا يُجمع بين المرأة وعمّتها، ولا بين المرأة وخالتها (٣)، فإن هذا قد صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

إذًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لنا ذلك في حديث عائشة في قضية توقفت فيها عائشة - رضي الله عنها - فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ائذني له"، ثمَّ إنها أوردت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - استفسارًا ليس الرجل الذي أرضعني، وإنما أرضعتني المرأة فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ائذني له إنه عمك تربت يمينك". فأكَّد عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا بيان أعظم ولا أجلى ولا أوضح من هذا البيان في هذا الحديث.

* قوله: (وَيَصْعُبُ رَدُّ الأُصُولِ المُنْتَشِرَةِ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا التَّأْصِيلُ وَالبَيَانُ عِنْدَ وَقْتِ الحَاجَةِ بِالأَحَادِيثِ النَّادِرَةِ وَبِخَاصَّةٍ الَّتِي تَكُونُ فِي عَيْنٍ، وَلذَلِكَ قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللهِ لِحَدِيثِ امْرَأَةٍ) (٤).


(١) يُنظر: "شرح الكوكب المنير" لابن النجار (٣/ ٣٥٩) حيث قال: "يخصص الكتاب ببعضه و"، يخصص أيضًا "بالسنة مطلقًا"، أي: سواء كانت متواترة أو آحادًا."و" تخصص "السنة به"، أي: بالقرآن "وببعضها"، أي: تخصص السنة ببعضها "مطلقًا"، أي: سواء كانت متواترة أو آحادًا.
(٢) يُنظر: "التحبير شرح التحرير" للمرداوي (٦/ ٢٧١٦) حيث قال: فيجوز تقييد الكتاب بالكتاب وبالسنة، والسنة بالسنة وبالكتاب، وتقييدهما بالقياس، والمفهومين، وفعل النبي وتقريره، ومذهب الصحابي، ونحوها على الأصح في الجميع.
(٣) أخرجه البخاري (٥١٠٩) ومسلم (١٤٠٨) عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
(٤) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>