للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها إشارة لطيفة أوردها المؤلِّف، ومَرَّ بنا حديث فاطمة مرور الكرام؛ لأنه ذُكر لنا ما يتعلق بموضوع الخطبة على الخطبة، وسيتكرر ذلك أيضًا.

لكن هذا الذي أشار إليه المؤلف إنما هو إشارة إلى قصة فاطمة - رضي الله عنها -. وفاطمة بنت قيس هذه - كما هو معلوم - قصتها مع زوجها مشهورة، وهي صحابيةٌ جليلة، وهي أيضًا من فقهاء الصحابة (١).

وقصتها: أن زوجها عمرو أبا حفص - ابن المغيرة - طلقها البتة، أي: (طُلِّقت ثلاثًا)، فأرسل إليها وكيلَه بشعير فسختطه، وقد طلَّقها زوجها وهو غائب، لم يكن موجوًا فأرسل إليها وكيلَه: وبعضهم يرويها: وكيله على أن المتصرف هو الوكيل، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته.

وهناك خلافٌ مشهور في هذه المسألة، فما كان منها إلا أن جمَعَت ثيابها فلما سخطته قال الوكيل: "والله ليس علينا من شيء، أي: لا نفقة لك ولا سكنى". فجمعت ثيابها فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ لك عليه سُكنى ولا نفقة".

ثمَّ إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "اعتدِّي في بيت أم شريك"، ثم تدارك الأمر - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي"؛ إذ كان أكابر المهاجرين يأوون إليها، ثم قال لها: "اعتدِّي عند ابن أم مكتوم"، وابن أم مكتوم كان ابن عم لها، "فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده". هذا حديث (متفق عليه) (٢).


(١) ينظر ترجمتها في: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢/ ٣١٩).
(٢) ليس متفقًا عليه، بل أخرجه مسلم (١٤٨٠) فقط. عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال: "ليس لك عليه نفقة"، فأمرها أن تعتدَّ في بيت أمِّ شريك، ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدِّي عند ابن أمِّ مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني" … الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>