للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديث من الحِكم والفوائد الشيء الكثير، وما يهمنا ما أورده المؤلف في قصَّة عمر، فإن الرجل طلقها البتة فاختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في المطلقة طلاقًا بائنًا هل لها نفقة وسُكنى أم ليس لها نفقة، ولا سُكنى، أم لها السُّكنى فقط؟ هذه أقوال ثلاثة ولا أريد أن أدخل في الحديث عنها، لأن هذا سيأتي في الطلاق (١)، وفي عدة أبواب مستقبلة.

لكن هذه فاطمة بنت قيس عُورضت من بعض الصحابة ومن غيرهم في هذا القول، ومن هنا جاء الخلاف في هذا الأمر.

فحُكي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "لا نترك كتاب ربنا وسُنَّة نبينا لقول امرأة" (٢). هذا الذي ذكره المؤلف وذكره غيره ممَّن نقلوا ذلك عن عمر.

وهذه المقالة ضعَّفها الإمام أحمد وردَّها، وقال: إنما صَحَّ عن عمر أنه قال: "لا نُجيز في ديننا قول امرأة" (٣).

وهذه أيضًا للعلماء وقفات متعددة حولها، فإن العلماء قالوا: إن هذه مخالفة للإجماع؛ لأنه - كما هو معلوم - كم من الأحكام الكُثر التي ثبتت عن طريق انفراد امرأة بها، فإن عائشة - رضي الله عنها - روت كثيرًا من الأحاديث


(١) سيأتي الكلام عنها.
(٢) أخرجه مسلم (١٤٨٠/ ٤٦) قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت، أو نسيت، لها السكني والنفقة، قال الله - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} قال الحافظ في "الفتح" (٩/ ٤٨١): "وأما قول بعضهم أن حديث فاطمة أنكره السلف عليها … فالجواب عنه أن الدارقطني قال: قوله في حديث عمر: وسنة نبينا، غير محفوظ، والمحفوظ: لا ندع كتاب ربنا، وكأن الحامل له على ذلك أن أكثر الروايات ليست فيها هذه الزيادة، لكن ذلك لا يرد رواية النفقة، ولعل عمر أراد بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما دلَّت عليه أحكامه من أتباع كتاب الله، لا أنه أراد سنة مخصوصة في هذا … إلخ".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ١٦٦) حيث قال: فقد أنكر أحمد هذا القول عن عمر، قال ولكنه قال: لا نجيز في ديننا قول امرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>