للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحكام وغيرها من زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفُرَيِعة، بل إن فاطمة بنت قيس هي التي روت لنا حديث الدجال (١) ذلكم الذي اشتمل على كثير من الأحكام، ومع ذلك تلقاه العلماء بالقبول والتسليم، فهذه هي الراوية.

وأيضًا عندما اعتُرض عليها - رضي الله عنها - جادلت من عارضها في هذا المقام، وخالفته فقالت: أليس الله يقول: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]؟ وأيّ حدث يحدث لامرأة طُلِقت طلاقًا بائنًا، فهذا بالنسبة للرجعية؛ لأنها إذا عاشت في سكن زوجها وأنفق عليها فقد تغيَّر الأحوال، فربما يكون قد دخل الشيطان بين الزوجين فنفد إليهما فجرى في دمهما مجرى الدم فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم (٢)، فحينئذ قد يرجع كلّ منهما إلى نفسه فترجع ثورة الغضب وهذا مما تُرغِّب فيه هذه الشريعة، إذًا هي ردت وقالت: أنا طلقت البتة، فبعضهم تكلَّم على لسانها وغيره.

فالشاهد هنا أن قول عمر - رضي الله عنه -: "لا ندع كتاب ربِّنا وسُنَّة نبيِّنا لقول امرأة". تتمة الكلام: "لا ندري أحفظت أم نسيت"، وفي بعض الروايات: "أصابت أم أخطأت" (٣).

فهذا القول ضعَّفه الإمام أحمد، وصُحِّح القول عن عمر وأنه قال: "لا نجيز في ديننا قول امرأة". هذا هو قول عمر والعبارة مختلفة أيضًا وهذه مجملة، والصحيح: أن قول المرأة مقبول وبخاصة الصحابيات، وهذه الصحابية خاصة، بل أخذ العلماء بحديثها، فإن ممَّا تكلَّموا عنه أدن للرجل أن يطلق امرأته وهو غائب عنها ولا يواجهها بالطلاق، وهذا حكم أخذه العلماء وتكلموا عنه (٤)، فإن هذا الرجل كان مع عليٍّ وسافر إلى اليمن للجهاد، ومع ذلك نجد أن الطلاق قد وقع وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - و قد أقرَّه


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٢).
(٢) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٠٣٨)، ومسلم (٢١٧٤).
(٣) لم أقف عليها.
(٤) ستأتي في كتاب الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>