للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ينكره، وأيضًا كثير من العلماء أخذوا به فيما يتعلق بالسُّكنى، وخِطبة الرجل على خِطبة أخيه إذا لم يسكن إليه (١)، فكما هو معلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال لها: "اعتدِّي في بيت ابن أمِّ مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، فإذا انتهيتِ - أو عبارة نحوها - فآذنيني"، يعني: إذا انتهت عدَّتُك فآذنيني.

فلمَّا فرغت من العدة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته وذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبي جهم خطباها فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها: "أمَّا أبا جهم فضرَّاب للنساء" صيغة مبالغة كناية عن أنه يُكْثر الضرب، وفي بعض الروايات: "لا يضع عصاه عن عاتقه" (٢)، كناية عن كثرة ضربه للنساء (٣)، "وأما معاوية فصعلوك (٤) لا مال له"، وفي بعض الروايات: "وأما معاوية فتربٌ ليس عنده شيء" (٥).

فلننظر إلى أمور الدنيا كيف تتغير وتتبدل، وأن الذي يُعِزّ المرء دائمًا هو الله سبحانه وتعالى، فهو يرفع أقوامًا ويضع آخرين، ويعطي الملك من يشاء وينزعه عن من يشاء، ويرفع أناسًا ويخفض آخرين فهذا هو أمر الله سبحانه وتعالى.

فهذا معاوية كان رجلًا صعلوكًا لا مال له، ثمَّ بعد ذلك يصبح خليفة المسلمين، ويجمع عليه في عام الجماعة سنة أربعين بعد أن تنازله هو والحسن بن علي (٦).


(١) أخرجه البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٥١٥) وفيه " … ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها".
(٢) أخرجها مسلم (١٤٨٠/ ٣٦).
(٣) "لا يرفع عصاه عن عاتقه"، أي: إنه شديد على أهله خشن الجانب في معاشرتهن مستقص عليهن في باب الغيرة. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص ٢٠٦).
(٤) "الصعلوك": الفقير. انظر: "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٥٩٥).
(٥) أخرجه مسلم (١٤٨٠) وفيه .. "أما معاوية فرجل ترب، لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء … " الحديث.
(٦) يُنظر: "البداية والنهاية" لابن كثير (١١/ ١٣٤) حيث قال: وإنما كملت الثلاثون =

<<  <  ج: ص:  >  >>