للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكرابيسي اثنان، والمقصود من ذلك: المتقدم، وهو: أبو علي الحسين بن علي البغدادي (١). وهناك الكرابيسي صاحب القواعد (٢) المتأخر عن ذلك. لكن هذا قولٌ انفرد به، وهو - كما قال المؤلف - شاذ. لكن قول المؤلف: لا يحصل وربما قد يحصل ذلك. ولذلك ردوا عليه ما قالوا بأنه مُستحيل، وهم أكابر العلماء (٣)، وقالوا: هذا لا يُحرِّم، بمعنى: لا ينشر الحُرمة؛ لأن المرأة الأصل فيها أنها مكانٌ للولادة، أما الرجل فليس كذلك، إذًا لا حُرمة هنا، فالقياس هنا قياسٌ مع الفارق.


(١) الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي الفقيه البغدادي. تفقه أولًا على مذهب أهل الرأي ثم تفقه للشافعي، وصحب الشافعي، وحمل عنه العلم، وهو معدود في كبار أصحابه. توفي سنة ٢٤٨. انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (٢/ ١١٧).
(٢) هو: أسعد بن محمد بن الحسين الكرابيسي، النيسابوري أبو المظفر، جمال الإسلام مصنف "الفروق" في المسائل الفرقية، وله "الموجز" في الفقه، وهو شرح لمختصر أبي حفص عمر، مدرس المستنصرية ببغداد. انظر: "الطبقات السنية في تراجم الحنفية" لتقي الدين الغزي.
(٣) وهم الأئمة الأربعة، مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (١/ ٢١٩) حيث قال: وإذا نزل للرجل لبن فأرضع به صبيًّا لم يتعلق التحريم؛ "لأنه ليس بلبن على التحقيق فلا يتعلق به النشوء والنمو وهذا؛ لأن اللبن إنما يتصور ممن يتصور منه الولادة".
مذهب المالكية، يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٢/ ٥٩٠) حيث قال: "أركانه، وهي ثلاثة:
الأوَّل: المرضعة، وهي المرأة، فلا حكم للبن البهيمة، ولا لبن الرجل. وحكى الشيخ أبو إسحاق رواية كراهية نكاح من أرضعه الذكور. وانظر: "منح الجليل" لعليش (٤/ ٣٧٢).
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" (٣/ ٤١٥ - ٤١٦) حيث قال: " (فلا تحريم بلبن رجل وخنثى حتى يتضح) كونه امرأة؛ لأنه لم يخلق لغذاء الولد فأشبه سائر المائعات؛ ولأن اللبن أثر الولادة، وهي لا تتصور في الرجل والخنثى نعم يكره لهما نكاح من ارتضعت بلبنهما كما نقله الأصل عن النصِّ في لبن الرجل".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٤٤٤) حيث قال: "ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة .. (أو) ارتضع طفلان من لبن (رجل) فكذلك لما ذكرنا (أو) ارتضعا من لبن (خنثى مشكل لم ينشر الحرمة)؛ لأنه لم يثبت كونه امرأة فلا يثبت التحريم مع الشك".

<<  <  ج: ص:  >  >>