للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميتة ينشر الحُرمة؛ لأنها آدمية، فلا يختلف الحال، فلو أن هذه المرأة أُخذ من لبنها في إناء، أي: حلبت مثلًا في إناء فبقي في هذا الإناء، فلما ماتت أرضع منه هذا الطفل الرضعات المعروفة فإنه يُحرِّم.

أما الشافعية (١): فيرون أنه لا يُحرِّم، ووجهتهم في ذلك: أنها ليست محلًّا للولادة. وذكرنا قبل قليل أنهم فرَّقوا بين الرجل والمرأة؛ لأن المرأة محلٌّ للولادة، وهنا أيضًا قالوا: بأنها لم تكن مكانًا للولادة؛ لأنه انقطع ذلك الأمر فلا يُحرِّم لبنُها. ولا شكَّ أن وجهة الذين قالوا بالتحريم ظاهرة في هذا المقام فيما يظهر لي واللّه أعلم.

* قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ هَلْ يَتَنَاوَلُهَا العُمُومُ؟ أَوْ لَا يَتَنَاوَلُهَا؟ وَلَا لَبَنَ لِلْمَيِّتَةِ إِنْ وُجِدَ لَهَا إِلَّا بِاشْتِرَاكِ الاسْمِ).

الحقيقة أن لها لبن، وقد يوجد في ثديها.

* قوله: (وَيَكَادُ أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةً غَيْرَ وَاقِعَةٍ، فَلَا يَكُونُ لَهَا وُجُودٌ إِلَّا فِي القَوْلِ).

بل هي واقعة، وهذا غريب من المؤلف؛ إذ إنه قال به أكثر العلماء،


= حلب أو ارتضع من ثديها بعد موتها)؛ لأنه ينبت اللحم، قال في الشرح والمبدع ونجاسته لا تؤثر كما لو حلب في إناء نجس، يعني: إن قلنا: ينجس الآدمي بالموت، و (كما لو حلب في حياتها ثم شربه) الطفل (بعد موتها ولو حلف لا يشرب من لبن امرأة فشرب منه وهي ميتة حنث)؛ لأنه شرب من لبنها".
ومذهب المالكية: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٠٢) حيث قال: " (قوله وإن ميتة)، أي: هذا إذا كانت تلك المرأة حيّة، بل ولو كانت ميتة دبَّ الطفل فرضعها أو حلب منها وعلم أن الذي بثديها لبن ابن ناجي، وكذا إن شكَّ هل هو لبن أو غيره؛ لأنه أحوط. وقوله: ولو ميتة رد بالمبالغة على ما حكاه ابن بشير وغيره من القول الشاذ بعدم تحريم لبن الميتة؛ لأن الحرمة لا تقع بغير المباح ولبن الميتة نجس علي مذهب ابن القاسم فلا يحرم والمعتمد أنه طاهر وأنه يحرم".
(١) "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٤١٥) حيث قال: "فيشترط كونها امرأة حيَّة بلغت سنَّ الحيض، وإن لم تلد، ولم يحكم ببلوغها سواء أكانت مزوجة أم بكرًا أم غيرهما". وانظر: "روضة الطالبين" للنووي (٩/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>