للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} فالكلام هنا في الأمة المسلمة هل للحر أن ينكحها؟

الآية صريحة: ففيه شرطان: الأول: إذا لم يتوفر الطول، وفي آخر الآية قال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} هذا هو الشرط الثاني، لكن الله تعالى قال: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أي: ومع ذلك فالأفضل للإنسان وخير له أن يصبر من أن ينكح الأمة.

* قوله: (وقَوْله تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] يَقْتَضِي بِعُمُومِهِ إِنْكَاحَهُنَّ مِنْ حُرِّ أَوْ عَبْدٍ، وَاجِدًا كَانَ الحُرُّ أَوْ غَيْرَ وَاجِدٍ، خَائِفًا لِلْعَنَتِ أَوْ غَيْرَ خَائِفٍ، لَكِنَّ دَلِيلَ الخِطَابِ أَقْوَى هَاهُنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنَ العُمُومِ؛ لِأَنَّ هَذَا العُمُومَ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ إِلَى صِفَاتِ الزَّوْجِ المُشْتَرَطَةِ فِي نِكَاحِ الإِمَاءِ، وَإِنَّمَا المَقْصُودُ بِهِ الأَمْرُ بِإِنْكَاحِهِنَّ، وَأَلَّا يُجْبَرْنَ عَلَى النِّكَاحِ).

لماذا كان دليل الخطاب أقوى؟ لأنه واضح الدلالة على المدة.

لكن بالنسبة للآية التي استدل بها المؤلف لا تدل من قريب على ما ذهب إليه.

* قوله: (وَهُوَ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ عِنْدَ الجُمْهُورِ (١)).

لكن تخلف شرط واحد؛ مثلًا ما استطاع الطول لكنه خشي العنت هل يتزوج؟

بعض العلماء قال (٢): ينكح كتابية أو يجد ثمن مملوكة خير له من أن يتزوج الأمة عند مَن يشترط هذين الشرطين.


(١) تقدَّم ذكر مذاهبهم في هذه المسألة.
(٢) وهم الحنابلة. يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٨٥)، حيث قال: "ولا يجد طولًا لنكاح حرة ولو كانت كتابية بألا يكون معه مال حاضر يكفي لنكاحها ولا يقدر على ثمن أمة ولو كتابية فتحل له الأمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>