للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ الكِتَابِيَّةَ الحُرَّةَ (١) إِلَّا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (٢)).

ما نسبه لابن عمر لم نقف عليه، ولعل هذا وهم من المؤلف عفا الله عنه (٣)، وإنما الذي عرف: أن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - تزوجوا كتابيات، فأمرهم عمر - رضي الله عنه - بتطليقهن فطلقوهن إلا حذيفة فقال له: أتشهد أنها حرام فرد عليه عمر - رضي الله عنه -،: هي جمرة، فقال حذيفه: أتشهد أنها حرام، فقال: هي جمرة، قال: إذن قد أحلها الله لي، لكن بعد فترة طلقها حذيفة (٤).

ولم يختلف العلماء في نكاح الكتابية، والذين خالفوا هم من الفرق الذبن لا يعتد بقولهم، ويستدلون بالآية: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.


(١) ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز ذلك، وذهب الحنابلة إلى التحريم.
فمذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين"، للحصكفي (٣/ ٤٥)؛ حيث قال: "وصح نكاح كتابية، وإن كره تنزيهًا مؤمنة بنبي مرسل مقرة بكتاب منزل، وإن اعتقدوا المسيح إلهًا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي"، للدردير (٢/ ٢٦٧)، حيث قال: "إلا الحرة الكتابية فيجوز نكاحها للمسلم بكره عند الإمام مالك وأجازه ابن القاسم بلا كراهة وهو ظاهر الآية".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (٧/ ٣٢٢)؛ حيث قال: "وتحل كتابية لمسلم وكتابي وكذا غيرهما".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ٦٦٤)؛ حيث قال: "إلا الأمة الكتابية فيحرم نكاحها لا وطؤها بملك".
(٢) أخرج البخاري (٥٢٨٥) وغيره عن نافع: "أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية، قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله".
(٣) غفر الله للشارح فالأثر ثابت وموجود وتقدم تخريجه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٧٨) وغيره عن قتادة: "أن حذيفة نكح يهودية في زمن عمر، فقال عمر: طلقها فإنها جمرة! قال: أحرام هي؟ قال: لا، فلم يطلقها حذيفة لقوله، حتى إذا كان بعد ذلك طلقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>