للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالآية والحديث يدلان على الوطء؛ ومع ذلك نجد أن مَن يخالف في ذلك يعتبر خلافه شاذًّا.

وابن قدامة (١) عرض المسألة ورجح القول الثاني، لكنه ما استطاع أن يأخذ به؛ لأنه يخالف جماهير العلماء واتفق معه ابن القيم رحمهم الله جميعًا (٢)، لكن رجعوا يعللون؛ قالوا: لعلهن أسلمن، ونحن نقول كما قالوا، والله أعلم.

وظاهر الأدلة مع طاوس، إنما نسبته لمجاهد يحتاج إلى التأكد من ذلك (٣).

والذين قووا مذهب طاوس قالوا: الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان موجودًا، وهو مطالب بالبيان؛ فالرسول - عليه الصلاة والسلام - يبين للناس ما نُزِّل إليهم، وهذا أمر يحتاج إلى بيان؛ فالآية نزلت فرفعت ما أشكل على الصحابة ولم تتعرض لكونهن أسلمن أو لم يسلمن؛ فقالوا: لو كان الإسلام شرطًا لبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك، لكنه لم يبينه فكان ذلك دليلًا على جوازه.

والعزل: الإنسان يجامع فإذا أراد أن ينزل فلا ينزل في موضع الحرث، وهذا كانوا يفعلونه خشية الحمل لأمر مؤقت؛ فإن ذلك مما


(١) يُنظر: "المغتب"، لابن قدامة (٧/ ١٣٤ - ١٣٥)؛ حيث قال: "أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات، وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب، لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين في قول أكثر أهل العلم … فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن، وهذا ظاهر في إباحتهن، لولا اتفاق أهل العلم على خلافه".
(٢) يُنظر: "أحكام أهل الذمة"، لابن القيم (٢/ ٧٩٨)، حيت قال: "إن قيل: فإذا كان قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} المراد به إحصان العفة لا إحصان الحرية فمن أين حرمتم نكاح الأمة الكتابية.
قيل: الجواب من وجهين:
أحدهما: أن تحريم الأمة الكتابية لم ينعقد عليه الإجماع … فالمسألة إذن مسألة نزاع، والحجة تفصل بين المتنازعين".
(٣) تقدَّم نقل ذلك في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>