للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمسألة في منع جواز المريض راجعة إلى المصالح المرسلة، وهذه المصالح اختلف فيها الجمهور؛ فبعضهم يذهبون إلى عدم اعتبار المصالح المرسلة، وبعضهم يذهب إلى جواز المصالح المرسلة وفي مقدمتهم المالكية (١).

وهذه المصالح أنواع:

- هناك مصالح شهد الشرع بقيامها واعتبارها؛ فهذه ليس فيها خلاف واعتبروها من بابٍ القياس.

- وهناك مصالح نفاها الشرع ولم يعتبرها؛ ولذلك لا يعتد بها.

- ويبقى قسم بين القسمين: وهو المصالح التي لم يرد نفي ولا إثبات لها؛ فهل هي معتبرة في الشريعة أم لا؟

هنا مناط الخلاف بين العلماء (٢):

فالشافعية والحنفية: لم ينفوها ولكن أدخلوها من بابٍ الاستحسان؛ فإن هؤلاء يقولون: إن الأخذ بالمصالح يفتح بابٍ في الشريعة؛ فيكون منفذًا لأصحاب الأهواء والآراء؛ فربما يتسلطون على بعض أحكام الشريعة فيسخِّرونها لما يتفق مع مصالحهم وغاياتهم بدعوى أنه كلما تجدد الزمان


(١) تقدَّم الكلام على المصالح المرسلة وتحقيق مذاهب أهل العلم فيه. وينظر: "التقرير والتحبير"، لابن أمير حاج (٣/ ٢٨٦ وما بعدها).
(٢) قال ابن قدامة في "روضة الناظر" (١/ ٤٧٨ - ٤٨٠): "المصلحة: هي جلب المنفعة، أو دفع المضرة، وهي ثلاثة أقسام:
قسم: شهد الشرع باعتبارها. فهذا هو القياس …
القسم الثاني: ما شهد ببطلانه …
الثالث: ما لم يشهد له بإبطال ولا اعتبار معين؛ وهذا على ثلاثة ضروب:
أحدها: ما يقع في مرتبة الحاجات …
الضرب الثاني: ما يقع موقع التحسين والتزيين، ورعاية حسن المناهج في العبادات والمعاملات …
الضرب الثالث: ما يقع في رتبة الضروريات".

<<  <  ج: ص:  >  >>