للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجددت الأحكام وتنوعت؛ فيتخذون ذلك مدخلًا وطريقًا لمآربهم وشهواتهم (١).

وأما الذين قالوا باعتبار المصالح المرسلة: فإنهم وضعوا لها قيودًا وشروطًا (٢)، والشروط لا تتنافى ولا تتعارض مع نص من نصوص الشريعة الإسلامية، ولا تصطدم مع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل تكون ملائمة لأحكام وأوصاف هذه الشريعة، وقالوا: يجب أن تكون المصلحة عامة لا خاصة، وعثمان - رضي الله عنه - ورَّث المرأة التي طلقها زوجها في مرض موته (٣) من باب المصلحة.

فنقول: المصلحة إذا لم تتعارض مع نص شرعي وإذا بنيت على أصل صحيح يقصد بها تحقيق أهداف الشريعة فلا مانع منها.

أما إن كان المقصود من المصلحة أن تفعل؛ لتتحقق مصلحة لأناس معينين، أو لفرد معين، أو ليتعسف بالشريعة لتصرف بعض أحكامها؛ فلا.


(١) قال الآمدي في "الإحكام" (٤/ ١٦٠): "وقد اتفق الفقهاء من الشافعية والحنفية وغيرهم على امتناع التمسك به، وهو الحق". وينظر: "البحر المحيط"، للزركشي (٨/ ٨٣).
(٢) قال الشاطبي في "الاعتصام" (٢/ ٦٢٧): "هذه أمثلة عشرة توضح لك الوجه العملي في المصالح المرسلة، وتبين لك اعتبار أمور:
أحدها: الملاءمة لمقاصد الشرع بحيث لا تنافي أصلًا من أصوله ولا دليلًا من دلائله.
والثاني: أن عامة النظر فيها إنما هو فيما غفل معناه وجرى على ذوق المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في التعبدات، ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية … والثالث: أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري، ورفع حرج لازم في الدين، وأيضًا مرجعها إلى حفظ الضروري من باب ما لا يتم الواجب إلا به؛ فهي إذن من الوسائل لا من المقاصد".
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٧١) وغيره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: "أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض، فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها". قال الألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ١٥٩): "سند صحيح على شرط البخاري".

<<  <  ج: ص:  >  >>