للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦]، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥].

الخلاف الثاني: خلاف أمثال هؤلاء من الصحابة ومن العلماء، فهؤلاء خلافهم ينتهي إلى وفاق، وخير شاهد على ذلك: أن رجع عمر - رضي الله عنه - إلى قول علي (١).

والصحابة لم يمنعهم الحياء بأن يكون الصغير نبه الكبير أو مثلًا الذي يقصره في العلم قد يفوقه في بعض المسائل؛ لأن هذا قد يحفظ أمورًا ولا يحفظها غيره؛ فلا يمكن للإنسان أن يحيط بالعلم، والله تعالى يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]؛ فهذا هو شأن الصحابة - رضي الله عنهم -، واقتدى بهم علماء الأمة من سلفها حتى جاء عصر الأئمة وأتباعهم وإلى وقتنا هذا، وهذا واجب من كل مسلم أنه إذا تبين له الحق أن يقف عنده ويقول: سمعنا وأطعنا!

* قوله: (وَالأَصْلُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ مِنْ كتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ مِنَ الأُمَّةِ).

حتى إن بعض العلماء علل فقال: ليست هي أخطر من الزانية؛ فالزانية أكثر العلماء يشترط توبتها مع العدة (٢)، ومن العلماء من يبيح ذلك دون الشرطين؛ فما بالك بامرأة أشد خطرًا تجاوزت حدود الله سبحانه وتعالى والله


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٧/ ٧٢٦) عن الشعبي قال: "أتي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بامرأة تزوجت في عدتها فأخذ مهرها فجعله في بيت المال وفرق بينهما وقال: لا يجتمعان وعاقبهما، قال: فقال علي: ليس هكذا، ولكن هذه الجهالة من الناس، ولكن يفرق بينهما ثم تستكمل بقية العدة من الأول ثم تستقبل عدة أخرى، وجعل لها علي - رضي الله عنه - المهر بما استحل من فرجها قال: فحمد الله عمر - رضي الله عنه - وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة".
(٢) تقدَّم ذكر مذاهب أهل العلم في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>