للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى ثم بعد فترة عقد على الأخرى؛ فعقد الثانية يلغى والأولى يبقى، لأن الأولى لم يصادف العقد عليها جمعًا بين أختين، أما الثانية فجاء الجمع فيزول ذلك العقد، لكن لو وطئ أختين وأُمر بفسخ إحداهن فليس له أن يطأ التي اختارها حتى تنتهي عدة الأخرى؛ لأن العدة تعتبر جزءًا من النكاح فلا يجوز ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للخامسة فأكثر.

* قوله: (وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُونِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ (١): إِذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ، فَارَقَهُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ نِكَاحَ أَيَّتِهمَا شَاءَ، وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ غَيْرُهُ).

وهذا قول ضعيفٌ؛ لأنه قد ثبت ذلك في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة فيروز الديلمي، وحديثه صحيح (٢)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يختار واحدة منهن وأن يفارق الأخرى؛ فهذا ورد فيه نص فلا محل للخلاف فيه ولا اجتهاد مع وجود النص.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ القِيَاسِ لِلْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَثَرَانِ).

لا يمكن أن يقاوَم حديث صحيح صريح بقياس، لكن ربما تكون دلالة النص غير ظاهرة، فمن الممكن أن يُستدل بالقيالس، فالقيالس دائمًا يدعم وهو ما يعرف بالدليل العقلي؛ لأن الأدلة نوعان (٣):


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (١٨/ ١٤٤)؛ حيث قال: "وقال عبد الملك بن الماجشون: إذا أسلم، وعنده أختان، فارقهما جميعًا؛ لأنه كأنه عقد عليهما عقدًا واحدًا، ثم استأنف نكاح إحداهما، إن شاء حكاه أحمد بن المعذل عنه، ولم يقله من أصحاب مالك غيره".
(٢) أخرجه الترمذي (١١٢٩) وغيره عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختر أيتهما شئت". وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ٣٣٥).
(٣) قال ابن مفلح في "أصول الفقه" (١/ ٣٠٦): "الأدلة الشرعية: الكتاب، والسنة، والإِجماع، والقياس، والأصل الكتاب، والسنة مخبرة عن حكم الله، والإِجماع =

<<  <  ج: ص:  >  >>