للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحفوظ هو المرسل، والمرسل ليس عند مالك، وإنما هو "أن رجلًا - وفي بعض الروايات: محمد الثقفي - أسلم وعنده نسوة فطلقهن فقال له عمر - رضي الله عنه -: لتراجعهن" (١). فقالوا: هذا هو الذي ورد.

لكن نقل أن الإمام ابن كثير حقق هذه المسألة (٢)، وأنه قال: إن هذه الرواية والرواية الأخرى: "أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة" كلاهما جاءت في رواية عند أحمد فهو جاء بالروايتين معًا، وقال: إن سند هذا الحديث سند قوي.

ويرفع ذلك كله ما جاء في "سنن النسائي"، وتكلم الحافظ ابن حجر في كتابه "التلخيص الحبير" (٣) عن حديث غيلان الثقفي وأنه أسلم وتحته عشر نسوة وفي بعض الروايات: "أسلمن معه ولما كان زمان عمر - رضي الله عنه - طلقهن فقال له عمر: راجعهن". وصحح العلماء هذا السند.

فهذا الحديث فيه كلام كثير للعلماء، لكن هو حديث صالح للاحتجاج به، يؤيده وبشهد له أيضًا حديث آخر في قصة الحارث بن قيس أو قيس بن حارث: أنه أسلم وتحته ثمان نسوة فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يفارق منهن أربعًا ويمسك أربعًا. وهذا الحديث وإن كان فيه كلام فهو شاهد، ورواه أبو داود والترمذي وعبد الرزاق وغير هؤلاء العلماء (٤).


(١) قال الترمذي في "العلل الكبير ترتيب أبي طالب" (ص ١٦٤): "وسألت محمدًا عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة … ". فقال: هو حديث غير محفوظ، إنما روى هذا معمر بالعراق، وقد روي عن معمر عن الزهري هذا الحديث مرسلًا. وروى شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي: "أن غيلان بن سلمة أسلم … " قال محمد: وهذا أصح، وإنما روى الزهري، عن سالم، عن أبيه: "أن عمر قال لرجل من ثقيف طلق نساءه فقال: لتراجعن نساءك أو لأرجمن قبرك كما رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أبي رغال".
(٢) لم أقف على هذا الكلام عن ابن كثير، ولعله يقصد ابن حجر؛ فهو الذي ذكر معنى هذا الكلام في "التلخيص الحبير" (٣/ ٣٦٩).
(٣) يُنظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ٣٦٧ - ٣٦٩).
(٤) سيذكره المصنف ويأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>