للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ العُمُومِ لِلْأَثَرِ وَالقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] يَقْتَضِي المُفَارَقَةَ عَلَى الفَوْرِ، وَأَمَّا الأثَرُ المُعَارِضُ لِمُقْتَضَى هَذَا العُمُومِ: فَمَا رُوِيَ: "مِنْ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَسْلَمَ قَبْلَ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَتِهِ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ بِمَرِّ الظَّهْرَان، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَهِنْدٌ بِهَا كَافِرَةٌ، فَأَخَذَتْ بِلِحْيَتهِ، وَقَالَتْ: اقْتُلُوا الشَّيْخَ الضَّالَّ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ، فَاسْتَقَرَّا عَلَى نِكَاحِهِمَا" (١)).

قصة أبي سفيان وقصة صفوان وأم حكيم وحكيم بن حزام وابن أمية شواهد كثيرة جدًّا لم يفرق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينهم في هذا الأمر.

* قوله: (وَأَمَّا القِيَاسُ المُعَارِضُ لِلْأَثَرِ، فَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُسْلِمَ هِيَ قَبْلَه، أَوْ هُوَ قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَتِ العِدَّةُ مُعْتَبَرَةً فِي إِسْلَامِهَا قَبْل، فَقَدْ يَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرَ فِي إِسْلَامِهِ أَيْضًا قَبْلُ).

هؤلاء يعللون بأنها في عدة والعدة تعتبر امتدادًا لحالة الزوجية، لكن الحقيقة أنه ليس هناك فرق واضح بين الأمرين.

قال المصنف رحمه الله تعالى:


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٧/ ٣٠١) عن الشافعي: أنبأ جماعة من أهل العلم من قريش وأهل المغازي وغيرهم، عن عدد قبلهم: "أن أبا سفيان بن حرب أسلم بمرو ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهر عليها، فكانت بظهوره وإسلام أهلها دار إسلام، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة، ومكة يومئذ دار حرب، ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، وأقامت أيامًا قبل أن تسلم، ثم أسلمت وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فثبتا على النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>