للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصل خبر بوفاته أو بفراقه لها بأن يكون قد طلقها أو آلى منها.

القسم الثاني: ما يكون غالب فقده الهلاك.

ذكر العلماء أمثلة كثيرة لهذا: كمن يسافر في مَهلكة كإلى صحراء ليس فيها ماء ولا زرع، ليس فيها إنس، انقطع في هذه الصحراء، سلك هذا الطريق المخيف ثم بعد ذلك انقطعت أخباره، أو سلك طريقًا موحشًا تتجمع فيه الحيوانات المفترسة فانقطع خبره في هذا المكان، أو ركب البحر مع جماعة فغرقت هذه السفينة فمات معظم من فيها ولا يعرف خبره. أو كمن يخرج للصلاة ولا يعود، أو يفقده أهله ليلًا أو نهارًا ولا يدرى أين ذهب، أو غيرها من الأمثلة الكثيرة؛ فقالوا: هذا غالب حاله الهلاك.

الحنفية والمالكية يلتقون في هذا الأمر، لكن المالكية يستثنون مَن ينقطع خبره بين الصفين فإنه لا ينتظر مدة طويلة (١).

فيرى العلماء أن زوجته تتربص أربع سنوات، ثم بعد ذلك تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ثم بعد ذلك تصبح صالحة لأنْ يتقدم إليها مَن يريد خطبتها.

ودليل ذلك: أثر عمر - رضي الله عنه - الذي أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢) وسعيد بن منصور في "سننه" (٣) وغيرهم، وحكم عليه العلماء أنه جاء بطرق صحيحة: قصته (٤): "أن رجلًا فُقد في زمن عمر - رضي الله عنه - فجاءت


(١) يُنظر: "الشرح الكبير"، للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٨٢)؛ حيث قال: "واعتدت الزوجة في مفقود المعترك بين المسلمين بعضهم بعضًا بعد انفصال الصفين؛ لأنه الأحوط؛ إذ يحتمل موته آخر القتال، وهو ظاهر، ولكن المعتمد الذي لمالك وابن القاسم أنها تعتد من يوم التقاء الصفين".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) "السنن" (١/ ٤٤٩).
(٤) أخرجها سعيد بن منصور في "السنن" (١/ ٤٥٠) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن رجلًا من الأنصار خرج ليلًا فانتسفته الجن، فطالت غيبته، فأتت امرأته عمر بن الخطاب فقالت: إن زوجها قد غاب عنها فطالت غيبته، فأمرها أن تعتد أربع سنين، ففعلت ثم أتته، فأمرها أن تزوج ففعلت، ثم قدم زوجها الأول، فأتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأخبره - فغضب عمر، وقال: يعمد أحدكم فيطيل الغيبة عن أهله، =

<<  <  ج: ص:  >  >>