للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل المؤلف قدم الزوجة لأنها أضعف، ولأنها بحاجة إلى العناية والرعاية لأن الزوج كما هو معلوم طليق في هذه الحياة فله أن يتزوج غيرها وله أمور كثيرة، لكن هذه المرأة أصبحت حبيسة في بيت هذا الزوج.

وهند بنت أبي ربيعة زوجة أبي سفيان وهو - صخر بن أمية - شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام فتح مكة من زوجها أنه رجل شحيح لا يعطيها ما يكفيها وأولادها من النفقة فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (١). فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يكفيك" دليل على وجوب أن يعطي الزوج امرأته ما يكفيها من النفقة، كما أن نفقة الابن واجبة على الأب، وأن ذلك يكون بالمعروف دون منٍّ ولا أذى، وهذا أمر متعين، ومثل النفقة الكسوة.

الله سبحانه وتعالى في مواضع كثيرة في كتابه يوصي الناس بتقوى الله سبحانه وتعالى بأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية، وهذه الوقاية التي تحفظهم من العذاب وتنجيهم منه، وتذهب بهم إلى جنات النعيم.

والتقوى إنما هي طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يتحقق هذا الأمر إلا باتباع ما جاء في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بفعل الأوامر وامتثالها واجتناب النواهي والبعد عنها، فمن فعل ذلك فاز ونجا في الدنيا والآخرة.

* قوله: (فَأَمَّا النَّفَقَةُ: فَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: فِي وَقْتِ وُجُوبِهَا، وَمِقْدَارِهَا، وَلمَنْ تَجِبُ؟ وَعَلَى مَنْ تجِبُ؟ فَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِهَا: فَإِنَّ مَالِكًا (٢) قَالَ: لَا تَجِب النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى


(١) تقدَّم.
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٠٨)؛ حيث قال: " (يجب لممكنة) من نفسها (مطيقة للوطء) بلا مانع بعد أن دعت هي أو مجبرها أو وكيلها للدخول ولو لم يكن عند حاكم وبعد مضي زمن يتجهز فيه كل منهما عادة (على البالغ) متعلق بـ "يجب" لا على صغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>