للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها إلى حال الزوجة لا حال الزوج؛ لأن الكسوة لها فتعتبر حالها؛ ولمَّا ذكرت مع النفقة كانا سيان فينبغي أن يكون المعتبر في الأمرين معًا النفقة والكسوة إنما هو الزوجة.

الدليل الثاني: قوله - عليه الصلاة والسلام - لهند: "خذي مما يكفيك وولدك بالمعروف" (١). فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قيد ما تأخذه بكفايتها؛ فربط ذلك بحالها لا بحال الزوج.

فقالوا: دل ذلك على أن المعتبر إنما هو حال الزوجة لا حال الزوج؛ لأن نفقة الزوجة على الزوج واجبة، فينبغي أن يراعي حاجتها ومكانتها الاجتماعية في ذلك.

والشافعي (٢): يرى أن المعتبر في ذلك إنما هو حال الزوج؛ لأن الخطاب موجه له بقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧] قدر عليه رزقه، أي ضيق عليه رزقه، فالله تعالى جعل ذلك منوطًا بالزوج لا الزوجة، والله سبحانه وتعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، أي: يضيق كما في الآية الأخرى، والله سبحانه وتعالى يقول: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: ٣٢].

وأحمد (٣): يجمع بين الأمرين معًا؛ فيرى أن الحالتين معتبرتان معًا؛ يعني: حال الزوج مع الزوجة؛ لأن القول بذلك فيه جمع بين النصوص، وفيه عمل بمجموعها، فكل واحد يدل على جانب، فإذا ما اعتبرنا حال


(١) تقدَّم.
(٢) مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٧/ ١٨٧)؛ حيث قال: " (على موسر) حر كله (لزوجته) ولو أمة كافرة ومريضة (كل يوم) بليلته المتأخرة عنه. . . (مدَّا طعام و) على (معسر) ومنه كسوب. . . (مد ومتوسط مد ونصف) ولو لرفيعة".
(٣) مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٤٦٠)، حيث قال: " (وهي)، أي: النفقة (مقدرة بالكفاية) فيجب لها كفايتها. . . إلى أن قال (وتختلف) النفقة (باختلاف حال الزوجين) يسارًا وإعسارًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>