للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل مطلوب في كل أمر في هذه الدنيا، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨].

ويقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النحل: ٩٠].

هذه الشريعة الإسلامية قامت على العدل ودعت إليه؛ ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "المقسطون على منابر من نور يوم القيامة" (١)؛ فكل مسلم مطالب بأن يعدل مع نفسه ومع غيره، فكما أنه لا يحب أن يُظلم فلا ينبغي له أن يظلم نفسه، وإذا كان العدل مطلوبًا في الحياة - وبخاصة بين المسلمين - فأحرى بكل مؤمن أن يكون عادلًا بمن هم تحت سلطته؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (٢)؛ فأحرى بالمؤمن أن يكون عادلًا بين زوجاته.

ثم إن الإنسان إذا عدل في هذه الحياة الدنيا سيلقى ربه سبحانه وتعالى وهو عنه راض، وإذا ما حاد ومال عن طريق العدل والصواب وجنف في ذلك فإنه سيلقى عقابًا يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ ولذلك جاء في الحديث تحذير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامه وشقه مائل" (٣) علامة على خيانته وانحرافه عن الطريق السوي؛ يأتي يوم القيامة شقه مائل ليراه الناس والله سبحانه وتعالى يعلم بحاله؛ فهذا خير دليل وخير رادع ونذير للذين تغرهم الحياة الدنيا؛ فتجد المظاهر تخدعهم


= إحداهن نهارًا؛ إذ الأقرب لزوم مكثه مثل ذلك الزمن عند الباقيات (عند بعض نسوته). . . (لزمه) فورا فيما يظهر. . . (عند من بقي منهن) تسوية بينهن".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ١٩٨)؛ حيث قال: " (ويلزم غير طفل أن يساوي بين زوجاته في القسم إذا كن حرائر كلهن أو) كن (إماء كلهن) لأنه إذا قسم لواحدة أكثر من غيرها كان في ذلك ميل".
(١) أخرجه مسلم (١٨٢٧) ولفظه: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن سبحانه وتعالى وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٠٠)، ومسلم (١٨٢٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٢١٣٣)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود - الأم" (١٨٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>