للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يا عمر" ثم قال عمر - رضي الله عنه -: "والله لإنك أحب إلي من كل شيء" (١)؛ فمحبة الرسول يجب أن نقدمها على محبة أنفسنا.

وقوله - رضي الله عنه -: "إلا من نفسي" القصد من المخلوقين، أما محبة الله فهي مقدمة على كل أحد؛ لأن الله تعالى يقول عن نبيه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]؛ فمحبة الله تعالى نوع من العبادة لا يجوز أن يشركه أحد فيها.

* قوله: (لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" (٢)).

لا شك أن الأم قد غرس الله سبحانه وتعالى حب أولادها في قلبها؛ فكان عندها من الشفقة والرحمة والعطف والحنان وشدة الولع واللوعة ما يجعلها تتألم لفراق أبنائها، وهذا الحديث الذي أورده المؤلف ليس دليلًا لهذه المسألة، وإنما هذا الحديث جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيع وشراء الإماء؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أشار في هذا الحديث إلى أن مَن كانت عنده أمة وهي بمثابة سلعة ولها ابن أو بنت معها فلا ينبغي له أن يفرق بينهما فيذهب بهذا يمينًا وهذا شمالًا؛ فإما أن يبقيهما عنده أو يبيعهما معًا إلى جهة واحدة؛ حتى لا يفصل بين الأم وبين ولدها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" (٣).

ولا يوجد مسلم يود أن يفرق بينه وبين أحبته يوم القيامة، والأمهات عندهم من الحنان والعطف والشفقة؛ فلا يمكن أن تنسى هذا الولد حتى


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٢) ولفظه: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عمر".
(٢) أخرجه الترمذي (١٥٦٦)، وحسنه الألباني.
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>