للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وعلي - رضي الله عنه - عندما قال ذلك قال ذلك احتجاجًا على عبد الله بن عباس في إجازة ذلك، فذكر له الأمرين معًا فقال له: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وعن المتعة" فجمعهما في قول واحد؛ لأنه يردُّ على عبد الله بن عباس في إباحته ذلك، أو فيما قيل عنه، وإلا فإن التحريم إنما كان يوم الفتح.

وأُثر عن الإمام الشافعي أنه قال: "ما أحل الله سبحانه وتعالى شيئًا ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة" (١)، فالشافعي أخذ بظاهر الأحاديث؛ أي: حديث علي الذي ورد في ذلك، وهو أن المتعة كانت حلالًا ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت عام الفتح، ثم حرمت في هذا العام، وفي بعض الروايات: "أنها أبيحت ثلاثة أيام" ثم بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحريمها إلى يوم القيامة.

ومهما يكن من أمر: فإن الأدلة الصحيحة صريحة في تحريم المتعة؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما فتح مكة حصل شيء من المتعة أباحها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لشدة الحاجة إلى ذلك، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين تحريمها، وأن ذلك سارٍ إلى يوم القيامة؛ فأصبح واضحًا أن آخر ما قيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء في الصحيح بتحريم المتعة، وهذا ما قال به العلماء كافة.

وأما من قال بجواز المتعة: فهذا قول شاذ ولا دليل له من كتاب أو من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والاحتجاج بقول ابن عباس حتى ولو قدر وصح عنه؛ فجميع الصحابة - رضي الله عنهم - قد خالفوا ابن عباس في ذلك، وممن رد عليه علي بن أبي طالب (٢)، وبين له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرم ذلك، وما قال به بعض أصحابه فهو اتباع لعبد الله بن عباس، مع أنه قد جاء عن


(١) ذكره الحافظ، فقال: "حكى العبادي في "طبقاته" عن الشّافعي قال: ليس في الإسلام شيء أحل ثم حرم، ثم أحل ثم حرم إلا المتعة". انظر: "التلخيص الحبير" (٥/ ٢٢٧١).
(٢) أخرجه البخاري (٥١١٥) واللفظ له، ومسلم (٤٠٧/ ٣٢١)، وفيه: "أن عليًّا - رضي الله عنه - قال لابن عباس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>