للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم؛ كانت رحمة من الله عزَّ وجلَّ وللتخفيف عنهم والنظر إلى حالهم، لكن بعد ذلك حرمت عندما زال ذلك الأمر.

والعلماء اختلفوا في هذا وموضع الخلاف: ما ورد عن عبد الله بن عباس أنه كان يجيزه، وكافة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم يقولون بتحريمها.

وعبد الله بن عباس لما سئل عن ذلك قام خطيبًا في الناس فقال: "إن المتعة كالميتة والدم ولحم الخنزير، وإنها نسخت بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (١) والله تعالى يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}؛ فإن ابن عباس قاس المتعة على الميتة والدم ولحم الخنزير، وهذه كلها مجمع على تحريمها، وإنما الخلاف في يسير الدم كما مر.

ومحل الخلاف: هل كانت مباحة ثم حرمت، ثم أبيحت ثم حرمت؟ أو أنها كانت في الأول مباحة ثم حرمت؟ ومتى كان تحريمها: هل كان في غزوة خيبر أو كان في عام الفتح أو كان في أوطاس؟

ومما لا شك فيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أباح المتعة في عام الفتح وحرمها في نفس العام، هذا أمر ثبت.

لكن في حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر" (٢). هنا ورد الجمع بين المتعه وبين لحوم الحمر الأهلية؛ ولذلك ذهب المحققون من العلماء إلى أن في الحديث تقديمًا وتأخيرًا، وأن أصل الحديث: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وعن المتعة".


= المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة، ولولا نهي عمر بن الخطاب عنها ما زنى إلا شقي. قال عطاء: كأني أسمعها من ابن عباس: إلا شقي".
(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٣٣٤)، حيث قال: "فقال ابن عباس: ما هذا أردت، وما بهذا أفتيت في المتعة، إن المتعة لا تحل إلا لمضطر، ألا إنما هي كالميتة والدم ولحم الخنزير".
(٢) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>