للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمقاصدها، والعقود يقصد بها المعاني وما وضعت الألفاظ إلا للدلالة على المعاني.

إذن، يقول هؤلاء: لا نرى فرقًا بين أن ينطق الولي، أو أن يشترط ذلك لفظًا، أو أن يشترط ذلك المتزوج، أو ألا يشترط.

"وقد جاء رجل إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فقال: إني تزوجت امرأة لأحلها لزوجها ولم يأمرني بذلك ولم يعلم. فقال له عبد الله بن عمر: لا نكاح إلا عن رغبة فإن رضيتها فأمسكها وإن سخطتها ففارقها، وإن كنا لنعده على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفاحًا" (١). والسفاح: الزنا (٢).

"وجاء رجل إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - فقال: إن عمي طلق زوجته ثلاثًا ويريد رجل أن يحلها له. فقال له عبد الله بن عباس: من يخدعِ الله يخدعْه" (٣).

فأي إنسان يظن أنه يخادع الله في هذه الحياة الدنيا فهو خاسر، ربما يخادع الناس الأمر في هذه الحياة، وربما يمكر بهم، وربما تنطلي أفعاله وأقواله على بعض الناس، وربما تمضي فترة من الزمن وهو على هذه الطريقة، لكن الأمر لا يستمر، وإن استمر فإن الأمر يحصل بالنسبة للمخلوقين، أما مَن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومن يعلم السر وأخفى، ومن يعلم ما تكنُّ صدورهم وما يعلنون من يستطيع أن يخادعه!


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٣٣٩) ولفظه: "جاء رجل إلى ابن عمر - رضي الله عنه - فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه له تحل للأول قال: لا، إلا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وصححه الألباني في "الإرواء" (١٨٩٨).
(٢) وسافح الرجل المرأة مسافحة وسفاحًا من باب قاتل وهو المزاناة؛ لأن الماء يصب ضائعًا. انظر: "المصباح المنير"، للفيومي (١/ ٢٧٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٦/ ٢٦٦) ولفظه عن ابن عباس قال: "سأله رجل فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثًا؟ قال: إن عمك عصى الله فأندمه، وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجًا، قال: كيف ترى في رجل يحلها له؟ قال: من يخادع الله يخدعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>