للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن تزوجها بشرط أن يحلها لزوجها الأول أو اشترط عليه أن يتزوجها ليحلها لزوجها الأول - قد يكون الشرط من الزوج نفسه وربما يكون من الولي - وصرح به لفظًا بالعقد فهذا لا يجوز أبدًا وهو نكاح فاسد، وهذا هو نكاح المحلل، وبهذا يلتقي مع الإمامين مالك وأحمد.

وأما إذا نواه وقصده؛ فإن ذلك يصح عند الشافعي (١).

لكننا نرجع بعد ذلك لنناقش المسألة: هناك قاعدة مشهورة من القواعد الكبرى الأمور بمقاصدها (٢)، وهناك قاعدة تعتبر فرعيه يتكلم عنها العلماء: هل العبرة بمعاني الألفاظ أو بمقاصدها؟ هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟ (٣).

فالإمام الشافعي هنا يفرق بين اللفظ وبين المعنى، فيرى أنه إن صرح باللفظ فالأمر يحرم ولا يجوز ويكون مع الإمامين مالك وأحمد، وإن نواه بقلبه فإن ذلك لا يؤثر.

والمالكية والحنابلة يناقشون هذا الرأي ويقولون: لا نرى فرقًا بين أن يصرح وأن ينوي، لأن الأمور بمقاصدها، وهذه القاعدة إنما بنيت على حديث متفق عليه: من حديث عمر بن الخطاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (٤). فإذن؛ الأمور


(١) يُنظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٦/ ٢٨٢)؛ حيث قال: "وخرج بشرط ذلك إضماره فلا يؤثر وإن تواطأا قبل العقد عليه، نعم يكره إذ كل ما لو صرح به أبطل يكون إضماره مكروهًا نص عليه".
(٢) يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسيوطي (ص ٨)؛ حيث قال: "وضم بعض الفضلاء إلى هذه قاعدة خامسة وهي: الأمور بمقاصدها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات"".
(٣) يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسيوطي (ص ١٦٦) حيث قال في القواعد المختلف فيها: "القاعدة الخامسة: هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟ خلاف: والترجيح مختلف في الفروع".
(٤) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) ولفظه: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>